على الرغم من الدينامية التي شهدها ميدان النقل المدرسي بالمملكة، خُصوصا بعد إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن عددا من الجماعات القروية المغربية لا تزال تشهد أشكالا غير قانونية ولا تستجيب لأدنى معايير السلامة الطرقية لنقل التلاميذ؛ إذ يجد العديد من هؤلاء أنفسهم مضطرين إلى “التكدس” بأعداد كبيرة في دراجات ثلاثية العجلات أو سيارات نقل البضائع من طراز “بيكوب”، بل وحتى العربات المجرورة بالخيول “الكرويلات”.
وبعد مضي أسبوعين على “الجدل” الذي رافق اضطرار ساكنة أحد الدواوير بجماعة سيدي إسماعيل بإقليم الجديدة إلى تخصيص عربة مجرورة “كرويلة” لنقل أبنائها إلى المدراس الموجودة بمركز الجماعة بسبب عدم توفر الدوار على حافلة للنقل المدرسي، حتى كشفت مواقع التواصل الاجتماعي معاناة مماثلة يعيشها تلاميذ دواوير تينزرت بجماعة تغجيجت بإقليم كلميم الذين يتم نقلهم إلى مدارسهم بواسطة “بيكوب”. وإلى هاتين الحالتين، برزت أيضا حالة تلاميذ أحد الدواوير بإقليم تندرارة، الذين يتم نقلهم “متكدسين” داخل وفوق سقف سيارة أحد المواطنين بالدوار.
ويثير اعتماد هذه الوسائل للنقل المدرسي قلق فاعلين مهتمين بمجال السلامة الطرقية، أكدوا “انطواء الأمر على خرق قانوني يهدد بتسجيل حوادث سير بخسائر بشرية ثقيلة في صفوف التلاميذ بالنظر إلى عدم توفر هذه الوسائل على أدنى معايير السلامة والحماية لفائدتهم”، ونبهوا إلى “إشكال آخر يتعلق بكون هذه الوسائل تتوفر على تأمين لنقل البضائع؛ ما يعني أنه في حال تعرضها لحادثة سير، فإن التلاميذ المصابين لن ينالوا درهما من أموال شركات التأمين”، مُستغربين “عدم قيام السدود الأمنية للأمن الوطني والدرك الملكي بدورها في حجز وتوقيف هذه العربات والمركبات”، ومحملين مسؤولية “المجازفة بأرواح التلاميذ إلى الجماعات القروية المقصرة في توفير حافلات النقل المدرسي”.