26 C
Marrakech
mardi, juillet 1, 2025
spot_img

ذات صلة

جمع

بونو واثق قبل مواجهة مانشستر سيتي في كأس العالم للأندية

أعرب الحارس المغربي ياسين بونو عن ثقته قبل المواجهة...

المغرب يتصدى بحزم لتهريب الممتلكات الثقافية

أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، السيد محمد المهدي بنسعيد،...

فولوبيلس 2025: الموسيقى التقليدية تجمع الثقافات

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس...

المجتمع الدولي يجتمع في إشبيلية لدعم تمويل التنمية

تحت رعاية الأمم المتحدة، يلتقي اليوم الاثنين في إشبيلية...

الذهب يرتد صعودًا مع تراجع الدولار وتهدئة التوترات التجارية

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا في جلسة يوم الاثنين، مستفيدة...

صرف العملات بالشارع.. سوقٌ موازية تقلق مهنيين وتطرح مكافحة “النّْوارْ”


لا يُحيل دائما لفظ الرصيف على نهاية الشارع أو مكانٍ خاص بمرور الراجلين؛ بل يحيل بطريقة ضمنية على أحد أبرز الأماكن العمومية التي تحتضن الأنشطة التي تندرج في إطار “النّْوار” أو ما يسمى بالسوق السوداء، بما يخلق دائما سوقا موازية ثانية تتوالى عادة مطالب ضبطها وهيكلتها لتكون قيمة جبائية مضافة للاقتصاد الوطني.

وانضم محوّلو العملات بدورهم إلى قائمة المشتغلين على مستوى الرصيف، والمعروفين شعبيا بالمغرب بـ”موالين الشونج” بعدما صارت فئة منهم تشتغل خارج دائرة مكاتب الصرف المعتمدة بشكل رسمي، وتوجد عادة بأماكن محدد ببعض المدن، سعيا منها إلى القرب من الباحثين عن عملات أجنبية من قبيل الأورو والدولار.

ويحاول هؤلاء الأفراد باستمرار التعريف بأنفسهم كسوقٍ موازية في قطاع صرف العملات عبر الاشتغال بشكل مرن لا يعترف بعدد ساعات عمل محدد ولا يوقف النشاط خلال الأعياد الوطنية، ويعتمد كذلك أسعارا لشراء العملات الأجنبية بأقل من المطروح على مستوى السوق؛ مما جعل شركات الصرف اليدوي تنبه غير ما مرة إلى أن “النوار لا مكان له في هذا المجال”.

“الشّْونجْ”.. كلمةٌ مفتاح

“الشونج.. الصرف.. مرحبا لالة تْفْضلي…”؛ عبارات متواترة لا تخطئ مسامع كل مارٍّ من شارع محمد الخامس بالعاصمة الإدارية للمملكة. هناك يقف باستمرار عدد من الأفراد الذين يُقدمون خدمات صرف العملات عوضا عن مكاتب الصرف المُتعارف عليها. يشتغلون بهذا الفضاء لسنوات حتى صاروا جزءا منه ومقصدا لكل راغب في استبدال دراهمه بِيُوروهات أو دولارات، حسب ما في جيبه وما سيحتاجه في مُقامة بالمملكة أو عند سفره إلى خارج البلاد.

وقفت هسبريس لدقائق معدودات تراقب الوضع. حوالي عشرة أشخاص يتراصون بجانب إحدى الوكالات البنكية ويحاولون على مدار الزمن جذب المارّين إليهم، حيث يُصرّحون باستمرار وبشكل علني بأنهم يقدمون فعليا خدمات صرف العملات، فلا حديث بينهم إلا عن “الدّوفيزْ”. “صاحبي الشونج؟”؛ سؤالهم المركزي الذي يطرحونه على كل مارٍّ بجانبهم.

كانت عمليات هؤلاء الأشخاص مع زبنائهم تتم بشكل عادي على مستوى الرصيف. يُمسك طرفٌ واحد بالدرهم المغربي والآخر بعملات أجنبية مختلفة، حسب ما هو مطلوب من قبل الزبون، من دولار أمريكي أو أورو، أو حتى عملات دول الشرق الأوسط والخليج العربي، خصوصا الريال السعودي.

لم تكن مدة وقوفنا قبالة مكان وجود الأفراد، موضوع هذه الأسطر، بمدخل شارع محمد الخامس بالخالية من حركيّة مهنية بين هؤلاء وزبنائهم؛ فقد تمكنوا بطبيعة الحال من جذب أُناسٍ كان غرضهم الحصول على مقابلٍ لما يملكونه من دراهم مغربية أو عملات تخص دولا أجنبية.

وسط ارتفاع منسوب الجولان الذي يعرفه عادة شارع دار المخزن سابقا خلال كل مساء، تقدمت امرأة يُقدر أن يكون عمرها قد تجاوز الخمسين نحو أحد مُقدّمي خدمات الصرف. دار حديث أوليٌّ بينهما خلال الثواني الأولى قبل أن تُخرج من محفظتها بعضا من الأوراق النقدية التي لم تكن إلا يوروهاتٍ بطبيعة الحال، حيث كان غرضها كما اتضح لنا هو الحصول على مقابل لها بالدرهم المغربي.

المُتعاملُ كان أربعينيا يرتدي ملابس صيفية، وظلت حزمة الأوراق النقدية ظاهرة على جيبيْه الأمامييْن الاثنين. الجيب الأيمن كان مُصمما حسب ما يتضح لجمع العملات الأجنبية، فيما كان الأيسر مملوءا بالعملة الوطنية المغربية. أخرج من هذا الجيب بعضا من الأوراق النقدية من فئة 200 درهم. وقتها، انتهت العملية بين الطرفين بعدما تسلّمت المرأة ما كانت جاءت من أجله، هامّة بالانصراف بعدها مباشرة.

يوروهات ودولارات..

يواصل الأفراد نشاطهم بشكل طبيعي أمام مرأى ومسمع الجميع؛ فهُنا لا يُعلى على المنظور الشعبي المجسد أساسا في عبارة “نْقْضي الغرضْ دْغْيا”، ولو كان ذلك على قارعة الطريق من دون حجابٍ أو ستار يجعل العملية مستورة مبدئيا. وقت الذروة، إذن، عند نشطاء صرف العملات لا يزال قائما إلى حدود اليوم، لاسيما أن نسبة من مغاربة الخارج لا يزالون بأرض الوطن ويرتقب أن يستمروا به خلال الأيام القليلة المقبلة، بما يعني طلبا متواصلا على صرف العُملة.

بعد فترة أولية من الملاحظة، حاولت هسبريس إثارة أطراف الحديث مع أحد هؤلاء “موالين الصرف”. كان خمسيني السن حسب ما يتضح، أما ملابسه فكانت عادية تتوزعُ بين سروال من نوع “الفصالة” وقميصٍ أحمر مُغلقٍ على مستوى مُستهلِّ الذراعيْن. كان الحديث مقتضبا حول سعر صرف العملات وطريقتها.

صرّح الشخص ذاته بأنه يتم توفير اليورو للزبناء بحوالي 11 درهما. أخرج هاتفه المحمول وبدأ بالعدّ؛ 3 آلاف درهم، يعني حوالي 270 أورو. قاطعته الجريدة بالسؤال عن الفرق بينه وبين مكاتب الصرف المعتمدة فردّ:”نقدم أسعارا مشجعة، فالمكاتب تضيف إلى أسعارها عند شراء اليورو الواحد نصف درهمٍ، أي 11,5 دراهم إذن”.

المتحدث نفسه زاد: “تعامُلنا مع الزبناء جدُّ سلسٍ، ونوفر خدماتنا خلال أوقات غير محدودة، خصوصا في الأعياد الوطنية وعند توقف نشاط مكاتب الصرف. وهذه الفترة نشتغل أساسا مع الجالية أو الراغبين في السفر خارج الوطن”؛ فيما تجنب الخوض فيما إذا كان في الأصل “يمارس نشاطا قانونيا من عدمه”.

سوقٌ موازية”

في كل مرة يُثار فيها موضوع تحويل العملات بالمغرب يعود إلى الواجهة النقاش حول الوضعية القانونية لعدد ممن يقدمون خدماتهم في هذا الصدد على مستوى الشارع العام أو بمحاذاة مقرات الوكالات البنكية والشبابيك البنكية، عوضا عن مكاتب الصرف التي تبقى نائلة للتراخيص من قبل المؤسسات المعنية بالأمر، لعل أبرزها مكتب الصرف.

“سوقٌ موازية” بهذه العبارة وصف عبد الرزاق المحمودي، رئيس الفيدرالية المغربية لشركات الصرف، ما تعرفه بعض المدن المغربية من اشتغال أفراد بالشارع العام في مجال صرف العملات، حيث ذكر أن الأمر بداية “يقدم صورة غير لائقة عن البلد وعن قطاع الصرف؛ ما نستنكره كفيدرالية”.

واعتبر المحمودي، في حديثه لهسبريس، أن “هذه السوق الموازية التي نتحدث عنها نحنُ أوّل متضرر منها، والاقتصاد الوطني ثانيا؛ فالسبيل إلى وقف هذه المسألة هو أن تكون هناك توعية للناس بخصوص الأماكن الخاصة بالصرف، وثانيا أن يتقدم المعنيون بالأمر إلى مكتب الصرف بطلبات للاشتغال رسميا وبشكل قانوني في حدود ما يسمح به القانون وبطريقة واضحة المعالم”.

“التّمادي لا يفيد”

“لقد سبق لنا أن قمنا بمراسلات إلى الجهات المعنية في هذا الصدد”، قال محدّثُنا، معتبرا أن “الجرأة في صرف العملات على قارعة الطريق موجودة أساسا بمدينتي الدار البيضاء والرباط، بما يخلق سوقا موازية، وهو ما يعرفه العالم بأسره”.

وأورد المحمودي، الذي يرأس الفيدرالية المهنية سالفة الذكر، أن “نظام الصرف بالمغرب مرنٌ وسلس ومؤطر من قبل السلطات المالية، ومن المهم جدا أن ينضم إلى قطاع صرف العملات من يشتغلون على قارعة الطريق”، متابعا: “بلْفْرحات علينا إجِيو إشدو معانا الصف”.

من هذا المنطلق، بيّن المصرح أنه “من الضروري وجود ضبط صارم للقطاع، حيث يلزم دفعُ هؤلاء إلى التقدم بتراخيصهم للاشتغال بطريقة قانونية، إذ إن التمادي ضد هذا المقترح يؤثر سلبا علينا كشركات صرف ويستوجب تدخلا واضحا ممّن هم مكلفون بهذا الموضوع من المؤسسات الرسمية”.

spot_img