قالت نزهة الوافي، الوزيرة السابقة المكلفة بالتنمية المستدامة، إن المناطق الشرقية للمغرب وطاطا ومدن أخرى عرفت خلال الأسابيع الماضية تداعيات كارثية للظواهر المناخية القصوى التي ترتبط بالتغير المناخي، مشيرة إلى أن السيول المطرية والفيضانات غير المسبوقة خلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة.
وأوضحت الوافي، في تصريح لهسبريس، أن “كل ذلك يذكرنا بالحاجة إلى تكثيف الجهود بحكامة مؤسساتية وتنسيق أقوى بين مختلف المتدخلين؛ فالمغرب يتوفر على تجربة وخبرة في التنبؤ والاستعداد لمواجهة هذه الكوارث، لكن مع تسارع التغير المناخي أصبح من الضروري الانتقال من التدبير الظرفي إلى إرساء مقومات القدرة على الصمود بشكل فعال”.
وكشفت المسؤولة الحكومية السابقة أن “المغرب، بحكم موقعه الجغرافي، يعد من أكثر البلدان عرضة لمخاطر التغير المناخي، وتزايد الظواهر المناخية القصوى، كالفيضانات والسيول”، مردفة: “صحيح أنه من المستحيل منع الكوارث الطبيعية، لكن الاستعداد لمواجهتها يبقى أقوى رادع لتقليل الخسائر الاجتماعية والاقتصادية وإنقاذ الأرواح والممتلكات”.
وأكدت الوزيرة في ولاية حكومية سابقة أن “هناك حاجة اليوم إلى الانتقال من الاستجابة لإدارة الكوارث إلى تعزيز القدرة على الصمود”، مبرزة أنه “وجب إدماج التغير في التخطيط الترابي وفي إعادة البناء وتجهيز البنيات التحتية بالمناطق المتضررة، لتكون أكثر صمودا؛ وأصبح من الضروري كذلك إرساء منظومة إنذار مبكر فعالة، بتنسيق أقوى على المستوى المحلي، وإشراك جميع الأطراف، بما في ذلك الإعلام والمواطنين”.
ونبهت المتحدثة ذاتها إلى أنه “لا يجب نسيان العناية بالأنظمة البيئية في المناطق المتضررة، والحفاظ على المآوي الطبيعية، مثل الغابات والأراضي الرطبة، لأنها تتعرض لأضرار كبيرة جراء الفيضانات، ما يؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي الذي طالما ميز المغرب”، وزادت: “حماية هذا التنوع ليست ترفا، بل ضرورة اقتصادية واجتماعية وصحية”.
من جهة أخرى أوضحت نزهة الوافي أن “التأثير البيئي على الاقتصاد الوطني أصبح واضحا، إذ إن الفلاحة والاقتصادات المحلية المرتبطة بها تتأثر سلبا مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه، ما يستدعي تسريع التحول الاقتصادي نحو اقتصاد أكثر استدامة، من خلال حوار وطني شامل”، مشيرة إلى أن “التحول إلى قطاعات خضراء جديدة مثل الصناعة الخضراء والزراعة المستدامة يمكن أن يخلق فرص عمل ويخفف من الصدمات الاقتصادية المرتبطة بالتغير المناخي”.
وبخصوص التأثيرات المناخية التي أصبحت ملموسة في الحياة اليومية للمغاربة أوردت المسؤولة في حكومة سابقة: “نلمس جميعا انخفاض المحاصيل الزراعية، وتدهور الأراضي، وارتفاع أسعار الأغذية”، لافتة إلى أن “هذه التحديات تتطلب مواجهة جادة على جميع الأصعدة، خاصة في ظل عدم اتخاذ العالم إجراءات حاسمة للحد من الاحتباس الحراري”.
ورغم كل هذه التحديات، تضيف الوافي، “أؤمن بأن المغرب يمتلك كل المقومات لمواجهة هذه التهديدات وجعلها فرصة لتعزيز الانتقال إلى اقتصاد مستدام”، مشيرة إلى أن “السياسة الإرادية التي رسمها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده للتنمية المستدامة تضع المغرب في موقع ريادي على الصعيدين الوطني والإفريقي، كما أن الإصلاحات الهيكلية الطموحة التي أطلقها المغرب، وتستند إلى التوجيهات الملكية السامية، توفر فرصة لتسريع تنفيذ البرامج المناخية”.
وتابعت المتحدثة ذاتها: “يجب أن نشهد نقاشا وطنيا واسعا يشمل الأوساط المدنية والعلمية والاقتصادية والصحية، لتعزيز ديناميكية وطنية فعالة وشاملة لمواجهة تحديات التغير المناخي، وتسريع مسار التنمية المستدامة”، خاتمة: “هذه فرصة إستراتيجية للمغرب لتعزيز دوره الريادي في الدعوة إلى عدالة مناخية تنصف البلدان النامية، خاصة في إفريقيا، ومواصلة ريادته في هذا المجال”.