6 C
Marrakech
mercredi, janvier 15, 2025
spot_img

ذات صلة

جمع

صادرات الطماطم المغربية ترتفع بنسبة 72.71%

شهدت صادرات الطماطم المغربية إلى الأسواق الأوروبية طفرة ملحوظة...

لاعب شطرنج روسي في التاسعة من عمره يحقق رقما قياسيا عالمياً

حقق اللاعب الروسي الشاب رومان شوجييف، الذي لا يتجاوز...

الحكم بسجن وزير الداخلية السابق في الكويت

أصدرت محكمة في الكويت، اليوم الثلاثاء، حكمًا بحبس طلال...

مؤشر تأثير مدارس الريادة على جودة التعليم يضع المغرب في مراتب متقدمة

أكد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد...

اعتداء خطير يوقف شابا ببني ملال

تمكنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة بني ملال،...

هذه مفاتيح أساسية لفهم ركائز السياسة الموريتانية تجاه نزاع الصحراء المفتعل


كثيرا ما تجد موريتانيا نفسها “موزعة” في ملف نزاع الصحراء المفتعل بين دبلوماسية مغربية نشطة تسعى إلى استقطاب نواكشوط ونيل موقف داعم صريح لمقترح الحكم الذاتي وبين “ألاعيب دبلوماسية” تخرج من جحر جبهة “البوليساريو” الانفصالية المدعومة من لدن الجزائر.

وأمام هذا التجاذب والتقاطب، تعوّل موريتانيا على نهج ما تسمّيه دائما دبلوماسية “الحياد الإيجابي” في موقفها من نزاع الصحراء؛ غير أنه موقف ينحو ـ وفق مراقبين ـ إلى كسب ود المغرب، خصوصا في الفترة الأخيرة حيث انتعشت العلاقات بين الرباط ونواكشوط في العديد من مجالات التعاون، دبلوماسيا واقتصاديا وتجاريا وأمنيا.

لكن بالمقابل لا تخفي نواكشوط علاقاتها الدبلوماسية مع جبهة “البوليساريو”. كما لا تتردد في استقبال العديد من قيادييها على الأراضي الموريتانية، في محاولة لعدم التصادم أيضا مع الجزائر التي تدعم الجبهة الانفصالية في ملف الصحراء.

أنداري: موقف الحياد الإيجابي

في هذا الصدد، قال الباحث الموريتاني أحمد أنداري إن “موقف الحياد ليس جديدا؛ فقد تبنته موريتانيا من الناحية الشكلية منذ عام 1979، وتبنته فعليا منذ أواخر عام 1984، وتحديدا منذ وصول الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع إلى الحكم”.

وأضاف أنداري، في حديث مع هسبريس، أنه بالرغم من كل ما قد يقال عن هذا الموقف، فهو من ناحية أولى قد صمد أمام العديد من الاختبارات التي تعرض لها سابقا في مراحل تاريخية مختلفة، خاصة مع حالات عدم الاستقرار السياسي الكثيرة التي عرفتها موريتانيا.

وتوقع المحلل الموريتاني أن يصمد هذا الموقف مستقبلا ما لم يحصل أمر غير متوقع، كأن تقع حرب في المنطقة لا قدر الله، ويتم جر موريتانيا إلى أُتون هذه الحرب، فحينئذ فقط يمكن أن يتغير هذا الموقف. كما يمكن أن يتغير في حال حدوث تحول كبير في نظام الحكم في موريتانيا تتم بموجبه إعادة هيكلة كاملة للسياسة الخارجية الموريتانية”.

وسجل أنداري أن “حياد موريتانيا بشأن النزاع حول الصحراء، بغض النظر عن رضا أطراف النزاع عن هذا الموقف القائم على الحياد أو عدم رضاها عنه، هو موقف أثبت جدوائيته ونجاعته بالنسبة لصانع القرار الموريتاني”.

واستطرد: “لا أعتقد أن موريتانيا قد تتخلى عن هذا الموقف قريبا؛ نظرا لأنه ينبع من اعتبارات عديدة تاريخية واجتماعية واستراتيجية، علاوة عن كونه من وجهة نظر صانع القرار الموريتاني هو الأفضل بالنسبة لموريتانيا والأكثر تعبيرا عن مصالحها العليا”.

ووفق المتحدث ذاته، تطبق موريتانيا هذا الحياد بشكل عملي، خاصة منذ عهد الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع، ولم يسبق لها أن تخلت عنه أو انحازت إلى أي من أطراف القضية على حساب طرف آخر. كما أنه، مع مرور كل هذه السنوات، أصبح يجد قدرا كبيرا من القبول لدى مختلف أطراف القضية”.

ولفت أنداري إلى أن “هذا الموقف أصبح يعد من ثوابت السياسة الخارجية الموريتانية، كما أن محاولات التأثير على هذا الموقف من قبل أطراف القضية لن تتوقف؛ نطرا لأنها تدرك جيدا مدى الثقل والأهمية اللذين تمتع بهما موريتانيا عندما يتعلق الأمر بملف القضية الصحراوية”.

الزهراوي: مسافة متساوية

من الجانب المغربي، استحضر محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ثلاثة معطيات أساسية لفهم محددات السياسة الموريتانية تجاه النزاع حول الصحراء؛ الأول معطى تاريخي، فمنذ بروز هذا النزاع، تعرضت موريتانيا لمجموعة الهجمات والأحداث التي وصلت إلى حد انقلابات عسكرية ارتبطت بشكل مباشر وغير مباشر بالنزاع حول الصحراء.

وأوضح الزهراوي، في تصريحات لهسبريس، أنه “لهذا السبب تحاول موريتانيا أن تنتج مواقف أقرب إلى الحياد في ملف الصحراء”، مردفا أن “هذا المعطى التاريخي محكوم بهواجس وتوازنات تحاول من خلالها موريتانيا النأي بنفسها عن هذا النزاع ضمانا لاستقرارها وحماية لمصالحها”.

وأما المعطى الثاني، وفق المحلل عينه، فهو معطى جيوسياسي يرتبط بالموقع الجغرافي لموريتانيا، على اعتبار أنها على تماس مع منطقة النزاع، بالإضافة إلى أن حدودها تمتد إلى حدود طرفي النزاع المغرب والجزائر، بمعنى أن الجغرافيا السياسية تجعل موريتانيا تتمسك بالحياد وأخذ مسافة متساوية بين جميع الأطراف.

وأردف الزهراوي معطى ثالثا للفهم، هو معطى بنيوي داخلي؛ فبحكم الوضع الداخلي الموريتاني وارتباطا بوضعية الجيش في هذا البلد، ظلت الجزائر و”البوليساريو” تتعاملان مع موريتانيا كحلقة أضعف في المنطقة بفعل التنافس والصراع الإقليميين. لذا، فمعادلة الصراع تحول دون بروز أي تقارب أو اختلال على مستوى ميزان القوى في المنطقة”.

وأبرز المتحدث بأنه من الناحية الاستراتيجية، وبالنظر إلى متطلبات التاريخ والجغرافيا، وأمام حتمية “المصالحة مع الجغرافيا” وفي ظل التحولات الراهنة، فإن جل المؤشرات تؤكد أن “الاصطفاف الطبيعي” لموريتانيا يفترض أن يكون إلى جانب المغرب حاضرا وفي المستقبل، نظرا لمجموعة من الاعتبارات الاستراتيجية.

وشرح الزهراوي: “المستوى العسكري يتمثل في الاستفادة من الخبرة المغربية والتنسيق لتأمين الحدود البحرية والبرية. أما المستوى الاقتصادي والتنموي فهو متشابك ومتطابق، إذ يعتبر ضرورة ملحة سواء تعلق الأمر بنقل رؤوس الأموال والاستثمار في الطرق والموانئ والبنيات التحتية، أو من خلال الانخراط في “المشروع الأطلسي” وغيره من المشاريع الحيوية والاستراتيجية.

بلوان: التوازن الصعب

من جهته، قال حسن بلوان، أستاذ العلاقات الدولية، إن موريتانيا تحاول، منذ عقود، التوفيق بين مصالحها الاستراتيجية مع المغرب من جهة وبين مواجهة الضغوط السياسية والأمنية التي تفرضها الجزائر و”البوليساريو” من جهة أخرى.

وسجل بلوان، في تصريحات لهسبريس، أن موريتانيا تتبنى موقف الحياد الإيجابي تارة، والحياد السلبي تارة أخرى؛ وهو ما يفسر حجم الضغط الذي تعرفه الدبلوماسية الموريتانية منذ الاعتراف بدولة وهمية وكيان مزعوم في سياق تاريخي ملغوم”.

وأفاد المحلل ذاته بأن “الجمهورية الإسلامية الموريتانية ترتبط عمليا مع المملكة المغربية بعلاقات تاريخية وثقافية واقتصادية وأمنية عميقة لا يمكن أن تتزحزح مهما تحركت رمال قضية الصحراء”، مشددا على أن “هذا الاقتناع متجذر عند الشعب والنخب الحاكمة في موريتانيا؛ لكن في الوقت نفسه تراعي هذه الأخيرة للتهديدات الأمنية والعسكرية التي تشكلها جبهة البوليساريو، خاصة في مناطق رخوة وسهلة الاختراق في الصحراء الكبرى”.

ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن “قضية الصحراء فرضت على موريتانيا إقامة توازن صعب بين المغرب والجزائر؛ غير أنه يرتقب أن تكون هناك مواقف أكثر توازنا من قبل موريتانيا اتجاه قضية الصحراء، بالنظر إلى الدينامية الدولية والإقليمية التي اقتنعت بضرورة الحسم النهائي لهذا النزاع المفتعل، ضمانا للأمن والاستقرار الدائمين في منطقة محاذية للساحل والصحراء”.

وخلص بلوان إلى أن انخراط موريتانيا المرتقب في هذه الدينامية مصلحة استراتيجية، والمساهمة في حل النزاع لصالح السيادة المغربية مسار مناسب لنواكشوط خاصة مع التغيرات الكبيرة التي عرفتها موريتانيا في عهد الرئيس الحالي ولد الغزواني الذي قد تشجعه الاكتشافات الطاقية في البلاد على التخلص من الضغوط الأمنية والاقتصادية للجزائر و”البوليساريو””.

spot_img