8 C
Marrakech
jeudi, décembre 4, 2025
spot_img

ذات صلة

جمع

مرسيليا يتمسّك بأكراد قبل مواجهة موناكو الحاسمة

يسعى نادي مارسيليا إلى الإبقاء على مدافعه نايف أكراد...

صاحب الجلالة الملك يهنئ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى...

تكريم الفنانة راوية في مهرجان مراكش الدولي للفيلم

شهد مهرجان مراكش الدولي للفيلم، مساء الثلاثاء، تكريمًا...

تعزيز التعاون المائي بين المغرب وهولندا

شهدت مدينة مراكش اجتماعاً مهماً جمع خبراء ومؤسسات وشركات...

إعادة انتخاب المغرب في مجلس المنظمة البحرية الدولية

أُعيد انتخاب المملكة المغربية لعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية...

« مركبات الموت » تتربص بشغيلة الفلاحة


مع شروق شمس كل صباح، تشهد الطرقات المؤدية إلى المناطق الفلاحية في المغرب مشهدا متكررا، تتمثل في شاحنات وسيارات محملة بعشرات العمال والعاملات متجهة نحو الحقول والمزارع. هذه الرحلة اليومية، التي قد تبدو روتينية للبعض، تحمل في طياتها مخاطر جمة تهدد أرواح آلاف العمال وتضعهم على حافة الموت في كل لحظة.

وفي ظل تزايد الحوادث المميتة التي تودي بحياة عمال القطاع الفلاحي، تتصدر قضية النقل غير الآمن قائمة المشاكل التي تواجه هذه الفئة الحيوية من المجتمع. وتكشف الإحصائيات المقلقة عن حجم المأساة التي تعيشها هذه الشريحة العمالية؛ مما يستدعي تدخلا عاجلا من الجهات المعنية.

وخلال إعداد هذا المقال، أجمع عمال في القطاع الفلاحي ونشطاء حقوقيون على أن قضية نقل عمال القطاع الفلاحي تتطلب حلولا عاجلة وشاملة، موضحين أن حياة هؤلاء العمال الذين يشكلون عصب الاقتصاد الزراعي لا يمكن أن تظل رهينة لممارسات غير آمنة وغير إنسانية، مؤكدين أن الوقت قد حان لوضع حد لهذه المأساة اليومية وضمان حق العمال في النقل الآمن والكريم.

عبد الرحيم آيت علي، فاعل حقوقي من مدينة الحاجب، أكد وجود ممارسات مقلقة؛ منها أن بعض أصحاب الضيعات الفلاحية يلجؤون إلى التأمين على الشاحنات كسيارات خاصة وليس كوسائل نقل جماعي، مما يحرم العمال من التعويضات الكاملة في حالة وقوع حوادث.

وفي هذا الصدد، التمس الفاعل الحقوقي سالف الذكر من المديرية العامة للأمن الوطني والقيادة العليا للدرك الملكي فتح تحقيق في هذا الموضوع للتأكد منه.

“أشعر كل صباح وكأنني أودع أسرتي للمرة الأخيرة،” قال خالد (48 عاما) الذي فضّل عدم ذكر اسمه العائلي خوفا من الطرد، بصفته عاملا في ضيعة فلاحية ضواحي بوذنيب بإقليم الرشيدية.

وأضاف العامل ذاته والدموع تغلب عليه: “كل مرة نفقد أحد الأصدقاء أو الأقرب في حادث انقلاب وسائل النقل وهم في طريقهم للعمل أو العودة منه”.

وختم خالد حديثه لهسبريس بالقول: “عمال وعاملات الفلاحة يعيشون في رعب يومي”.

من جانبه، قالت رابحة (29 عاما)، عاملة في إحدى الضيعات الفلاحية بإقليم الحاجب، بحسرة: “نحن مجبرون على ركوب هذه الشاحنات والسيارات المهترئة، لعدم وجود بديل”.

وأضافت العاملة ذاتها: “نعمل لساعات طويلة في الحقول، ثم نعود متعبين في وسيلة نقل غير آمنة، إنها معاناة يومية”.

وعلاقة بالموضوع، قال علال حمزاوي، مستشار قانوني متخصص في قضايا الشغل، إن “القانون المغربي يلزم أرباب العمل بتوفير وسائل نقل آمنة للعمال؛ لكن، للأسف، هناك تقصير في تطبيق هذه القوانين ومراقبة مدى الالتزام بها”.

وأكد حمزاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإعلام يقع على عاتقه أيضا دور كبير في تسليط الضوء على هذه المشكلة وحشد الرأي العام للضغط من أجل إيجاد حلول جذرية”.

وأضاف المستشار القانوني: “كما تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في توثيق الانتهاكات ورفع الوعي بحقوق العمال”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “قضية نقل عمال الحقول الفلاحية في المغرب ليست مجرد مشكلة لوجستية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية بالدرجة الأولى؛ فحياة الإنسان هي أغلى ما نملك، ولا يمكن المساومة عليها تحت أي ظرف. يتطلب حل هذه المشكلة تضافر جهود كافة الأطراف: الحكومة، أرباب العمل، النقابات، والمجتمع المدني. فقط من خلال العمل الجماعي والالتزام الحقيقي بحقوق العمال.

في المقابل، أورد صاحب إحدى الضيعات الفلاحية الكبرى بمنطقة سوس (تارودانت)أن هذه المشكلة أكثر تعقيدا، قائلا: “نتفهم مخاوف العمال؛ لكن توفير وسائل نقل حديثة لكل المزارع سيكلف مبالغ طائلة قد تؤثر على استمرارية العمل، نحتاج إلى دعم حكومي ومهلة زمنية لتحسين الوضع تدريجيا”.

من جهته، أفاد مسؤول تابع لوزارة الفلاحة، في تصريح لهسبريس، بأن الوزارة الوصية تعمل على وضع استراتيجية شاملة لتحسين ظروف نقل العمال الزراعيين، بالتعاون والتنسيق مع وزارتي النقل والتشغيل.

وكشف المسؤول ذاته أن “الحكومة بصدد دراسة إمكانية تخصيص دعم مالي للمزارعين لتحديث أسطول النقل، مع فرض معايير صارمة للسلامة”.

وتطالب بعض النقابات العمالية، عبر ممثليها في المناطق الفلاحية، بتشديد الرقابة على وسائل النقل المستخدمة وفرض عقوبات صارمة على المخالفين. كما تدعو إلى توفير حافلات مجهزة خصيصا لنقل العمال، مع ضمان التأمين الصحي الشامل لهم، مؤكدة أن استمرار هذا الوضع يشكل انتهاكا صارخا لحقوق العمال وتهديدا مباشرا لأرواحهم؛ وهو ما يفرض على الحكومة والشركات الفلاحية اتخاذ إجراءات فورية لضمان وسائل نقل آمنة ومناسبة.

spot_img