نجحت السياسة الخارجية للمغرب في عهد الملك محمد السادس، الذي أكمل 25 سنة على عرش البلاد، في الحفاظ على علاقات قوية ومتينة مع جميع الدول الفاعلة على الساحة الأوروبية؛ وذلك على الرغم من بعض الأزمات الدبلوماسية التي تطفو على السطح من حين إلى آخر، والتي تؤثر على مسار العلاقات مع هذه الدولة أو تلك؛ غير أنه سرعان ما يتم تجاوز الخلافات والاختلافات لتعود العلاقات إلى سابق عهدها بل أقوى، مع التأكيد دائما على مبادئ الندية والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
وتعد ألمانيا واحدة من دول الاتحاد الأوروبي التي طالما حرصت الرباط على إقامة علاقات متميزة معها؛ بالنظر إلى تأثيرها ووزنها في الساحة الأوروبية، حيث عمل البلدان في السنوات الماضية على تشبيك مصالحها والارتقاء بتعاونهما إلى مستويات متقدمة تماشيا مع سياسة الانفتاح على شركاء تجاريين وسياسيين جدد التي انتهجها ملك البلاد.
واتخذت العلاقات الثنائية بين البلدين مسارات متقدمة، خاصة بعد زيارة أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية الألمانية، إلى المغرب بتاريخ 22 غشت 2022، حيث أجرت محادثات مع نظيرها المغربي، خرجت بإعلان مشترك عبر فيها البلدان عن رغبتهما في الارتقاء بتعاونهما الثنائي ليشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية. كما جددت خلاله برلين دعمها للوحدة الترابية للمغرب، وهو ما أسس لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد أشهر من القطيعة الدبلوماسية.
في هذا الصدد، قال ستيفان بانتل، القائم بأعمال سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالمغرب، في تصريح خص به جريدة هسبريس بعدما هنأ العاهل المغربي بمناسبة مرور 25 عاما على توليه الحكم، إن “المملكة المغربية شهدت تطورا ملحوظا منذ تولي جلالة الملك محمد السادس العرش، إذ امتد هذا التطور ليشمل جميع مجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية وكذلك الاجتماعية، مع التركيز بشكل خاص المجالات ذات الصلة والابتكار والتنمية المستدامة، إضافة إلى تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية”.
وأضاف القائم بأعمال ممثلية ألمانيا بالمغرب أن “المملكة تقع على مفترق الطرق بين القارتين الأوروبية والإفريقية، وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وتحتل مكانة مهمة ومتميزة في المنطقة، مما يجعلها مُحاورا أساسيا وشريكا مهما لجمهورية ألمانيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي”.
وأكد أن “برلين التزمت، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في سنة 1956، باستمرار بإقامة شراكة قوية وديناميكية مع الرباط”، مشيرا في هذا الصدد إلى نص الإعلان المشترك سالف الذكر، الذي تم فيه “الاتفاق على رفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى أعلى، على أساس الثقة والاعتراف بالمصالح المتبادلة، ولكن قبل كل شيء على أجندة مشتركة وحوار معزز”.
وسجل المتحدث ذاته أن “العلاقات الثنائية بين ألمانيا والمملكة المغربية تقوم، اليوم، على الشراكة المتساوية والحوار الاستراتيجي متعدد الأبعاد”، الذي عقدت دورته في أواخر يونيو الماضي في العاصمة برلين، برئاسة كل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ونظيرته الألمانية، تماشيا مع ما جاء به الإعلان المشترك الذي نص على عقد جلسات حوار استراتيجي مرتين في السنة بالتناوب بين البلدين.
وشدد القائم بأعمال سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالمغرب على أن “إمكانات التعاون بين البلدين بعيدة كل البعد عن أن تستنفد؛ فهي تظهر حاليا دينامية وكثافة مثاليتين على جميع المستويات، بين الحكومات والشركات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني على حد سواء