رصدت ورقة بحثية وردت ضمن التقرير الاستراتيجي الأخير الصادر عن مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية مسار تطور العلاقات بين الرباط وبكين وطبيعة الشراكة التي تربط البلدين، مسجلة أن “الصين تشكل بالنسبة للمغرب شريكا فيما يخص قضايا التعاون الثنائي، إذ يعمل البلدان بجد على تعزيز علاقاتهما في العديد من المجالات؛ بما في ذلك المجال الاقتصادي والتجاري والعلمي والتكنولوجي، في إطار مجموعة من المبادرات والمنتديات على غرار مبادرة “طريق الحرير الجديد” ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي”.
وأشارت الورقة ذاتها التي صاغها عبد الله ساعف، الوزير الأسبق رئيس المركز سالف الذكر، إلى “اعتراف المغرب منذ استقلاله بجمهورية الصين الشعبية على أساس مبدأ الصين الواحدة وتأييده حقها في الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن، مما أسس لعلاقات كانت تقوم في بدايتها على مبادئ إنسانية وثقافية في إطار تطوير علاقات الصداقة بين الشعوب، قبل أن تتطور لتأخذ شكل شراكة تتطور باستمرار في إطار استراتيجي””.
في سياق مماثل، أورد المصدر ذاته “تبني الحكومة في بكين مبدأ الحياد تجاه قضية الصحراء، حيث أيدت القرارات الأممية ذات الصلة التي تدعو إلى حل سياسي وواقعي ودائم لهذا النزاع”، لافتا أيضا إلى “تصويت الصين لصالح القرار رقم 2602 الذي اقترحت واشنطن والذي يدعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء ويشير إلى الجزائر كونها طرفا معنيا بهذا الصراع”.
وعلى أساس كل هذه المعطيات، “أصبح المغرب فاعلا رئيسيا بالنسبة للصين في الفضاء المغاربي نظرا لموقع الجيو-سياسي المتميز، حيث جعلت المملكة من نفسها نقطة لدخول الاستثمارات الأجنبية إلى إفريقيا”.
وأفادت الورقة الواردة ضمن تقرير المركز بأن “حجم المبادلات التجارية بين الصين والمغرب ارتفع بشكل كبير منذ زيارة الملك محمد السادس إلى هذه الدولة”، كما أن “الصادرات المغربية إلى الصين وصلت مستويات قياسية سنة 2022، إثر تجاوزها حاجز الـ900 مليون دولار بزيادة سنوية قدرت بأكثر من 8 في المائة مقارنة بالعام الذي قبله”، مشددة على أن “العلاقات مع الصين تشكل بالنسبة للمغرب نافذة تتيح مجموعة من الفرص وتسمح للرباط بالتخفيف من طبيعة العلاقات العمودية التي تربطها بالاتحاد الأوروبي من خلال تنويع أسواق التصدير، كما أنها تعزز سياسة الانفتاح المغربي على دول إفريقيا جنوب الصحراء”.
واستدل المصدر سالف الذكر بعديد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها البلدان في السنوات الأخيرة، مشددا على أن “العلاقات بين الدولتين اتخذت أبعادا أخرى ومتعددة”، مشيرا إلى “إعراب المغرب عن تقديره لتجاوب الصين وتفاعل سلطاتها من أجل مرافقة السياسة المغربية في مواجهة وباء كوفيد 19، حيث مكنت الشراكة التي وقعتها الرباط مع الشركة الصينية العامة “سينوفارم” من إنشاء وحدة صناعية في المغرب لتصنيع لقاح لهذا الفيروس”.
كما أشار أيضا إلى التعاون القضائي بين البلدين والعلاقات الثقافية من خلال معهد “كونفوشيوس”، مبينا على هذا النحو أن “العلاقات الصينية المغربية شهدت دفعة خاصة في السنوات العشرين الماضية إذ باتت خلال الفترة من 2019 إلى 2022 تقوم على أساس تراكمات مهمة تم بناؤها بشكل تدريجي، وحسب التطور السياسي للبلدين”.


