7 C
Marrakech
jeudi, décembre 4, 2025
spot_img

ذات صلة

جمع

مرسيليا يتمسّك بأكراد قبل مواجهة موناكو الحاسمة

يسعى نادي مارسيليا إلى الإبقاء على مدافعه نايف أكراد...

صاحب الجلالة الملك يهنئ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

بعث صاحب الجلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى...

تكريم الفنانة راوية في مهرجان مراكش الدولي للفيلم

شهد مهرجان مراكش الدولي للفيلم، مساء الثلاثاء، تكريمًا...

تعزيز التعاون المائي بين المغرب وهولندا

شهدت مدينة مراكش اجتماعاً مهماً جمع خبراء ومؤسسات وشركات...

إعادة انتخاب المغرب في مجلس المنظمة البحرية الدولية

أُعيد انتخاب المملكة المغربية لعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية...

التوزاني: القضاء على الإلحاد يحتاج التنمية .. والخطاب الديني ينتظر المعاصرة


قال خالد التوزاني، رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي، إن “القضاء” على الإلحاد في المجتمعات العربية الإسلامية، بما فيها المجتمع المغربي، يبدأ أولاً من علاج “تنمية الإنسان”، مسجلا أن “تحقيق التنمية والازدهار بوصفها جهاداً أكبر في مجتمعات تعاني من الفقر والمرض والجهل والبطالة والفساد، يعد أكبر أولوية من محاربة الإلحاد والتضييق على الملحدين أو محاسبتهم ومحاكمتهم”.

وأورد التوزاني، في دراسة له بعنوان “ظاهرة الإلحاد في المجتمعات الإسلامية: تشخيص العوامل واقتراح العلاج”، منشورة في مجلة “اجتهاد” التي يصدرها مركز اجتهاد للدراسات والتكوين في بلجيكا، أن الملحدين “ثمرة وضع اجتماعي غير سليم، يُسأل عنه الجميع، ولا عذر لمن لم يهتم بأمر المسلمين”، مضيفا أن الخطاب الديني التقليدي ينبغي أن يجدّد أدواته ويطور مناهجه وينفتح على العلوم الطبيعية والفيزيائية والعلوم الإنسانية.

وعدّ الكاتب هذه الخطوة بمثابة تأهيل للخطاب الديني حتى “يكون أكثر قدرة على تقديم إجابات معاصرة وجديدة لإشكالات العصر ونوازل الوقت، عوض اجترار تراث السلف وأخبار القدماء، حيث من الضروري تطوير الخطاب الديني البرهاني اعتماداً على مناهج علمية تؤسس لسلطة الحوار والبحث والنقاش وفق أخلاقيات الاحترام وقبول الاختلاف، دون إساءة للعقائد أو ازدراء للقيم الإنسانية”.

ودعا الأكاديمي المغربي إلى “إيلاء التربية والتعليم المكانة التي يستحقانها، باعتبار العلم سلاح الإنسان وطريق الإيمان، بحيث تصبح العلوم في خدمة اليقين بالله وليس مجرد بحوث ومعارف ومعلومات تُدرس وتنسى، ولا تترك أي أثر في السلوك والوجدان”، شارحا أن هذا يحيل إلى “ضرورة تجديد المناهج وتطوير المواد الدراسية، وجعلها أكثر جاذبية، واستحضار الجوانب النفسية والاجتماعية في حياة الطالب”.

وبلغة تشبه كلام المتصوّفة، سجل التوزاني أهمية “جعل العلم مرادفاً للمحبة والرحمة والفضيلة، ليتعلق الإنسان بالعلم تعلقاً ينجيه من المهالك ويشعره بمحبة الله لخلقه، وذلك اقتداء بالمنهج القرآني، ومنه قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)”؛ وزاد: “التربية لا تنجح إلا بمشروع مجتمعي متكامل، بحيث تتعاون المؤسسات التربوية والدينية ووسائل الإعلام”.

هذا التعاون، وفق منجز الدراسة، يحمي المجتمع عامة، والشباب خاصة، من “الانحراف أو الانجراف” نحو ما وصفه بـ”الأفكار الشاذة والمعتقدات الباطلة”، مشددا في السياق ذاته على “أهمية إنشاء مؤسسات علمية رائدة متعددة التخصصات عابرة للجنسيات والثقافات، تأخذ على عاتقها صناعة النّهضة، وتكون على غرار بيت الحكمة في الترجمة والحوار والتواصل، تتابع كل ما يصدر من مؤلفات حول الدين ومقالات منشورة في المجلات”.

ويبدو أن ما يقترحه التوزاني لا يهمل “الطفرة” التي تعيشها التكنولوجيا، إذ ركز على أن هذه المؤسسات المقترحة يتعين أن تجمع كلّ ما تبثّه وسائط الاتصال من محتوى بغية “تصفية المجال من الشوائب، وتوضيح الحقائق، واقتراح البدائل وتقديم الإجابات، ورصد الانشغالات والاهتمامات”، مسجلا من جهة أخرى، مكمّلة، الحاجة إلى “إيلاء الأسرة العناية الفائقة، لأنها نواة المجتمع، والعمل على غرس الفضائل والقيم، وحب الخير والكرم، إلخ”.

وانتقل الباحث سالف الذكر إلى مطلب يبدو له “أساسيا”، هو “دعوة الملحد”، موضحا أن “الغاية من حوار الملحدين، ليست هي إفحام الخصوم وإثبات كفاءة الذات في الرد على الضالين والمنحرفين، فذلك انتصار للنفس، وباب للغرور ودخول العجب والرياء والسمعة والإحساس بالتفوق، في حين إن الغاية هي هداية الملحد، ومساعدته على تجاوز محنة الإيمان بالدعاء له وبالصبر عليه وبالإحسان إليه”.

وأورد أن تصحيح النية، وتسديد الغاية، “ينتج عنهما التماس أدب الحوار وحسن الجوار وجمال الأداء في عرض الأفكار، مما يكون له أبلغ الأثر في التأثير على النفوس، وهو منهج الأنبياء في الحوار مع الطغاة والجبابرة”، وأبرز أن “علاج الظواهر الإنسانية ينبغي أن يتم عبر مداخل إنسانية تركز على إصلاح العلاقات وإصلاح ذات البين، ثم إن الله خالق الإنسان يتولى توجيه عباده، فهو أعلم بالمهتدين، ومما يؤكد ضرورة التعامل مع الملحدين باللين والإحسان، هو أن كثيراً من المسلمين الجدد في الدول الغربية يعانون من ضغوطات كثيرة ومعضلات كبيرة، على رأسها العنصرية والاضطهاد والتضييق عليهم في العمل والأماكن العامة”.

وشدد رئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي على أن “حسن الظن بالآخرين يبقى أمراً لا بد منه في كل تعامل مع قضية عقدية أو سلوكية كالإلحاد، مصداقاً لقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}”.

وفي سياق آخر، نبه توزاني إلى أن “الإلحاد درجات وأصناف”، مفصّلا أن “بعضها قد يبدو خفياً لا يُرى، أو ربما يلتبس بالإيمان مثل الإلحاد الروحاني الذي يمثل تياراً فكرياً انتشر في العصر الحديث بشكل تطبيقي، حيث يبدأ بالممارسات وينتهي بالفلسفة، وهو حالة فكرية يدخل فيها الإنسان عندما يدرك أن حقيقة الحياة يكتنفها غيب يتجاوز ما يراه ويعايشه من الماديات، ويظن أن الطريق لمعرفة هذا الغيب بل ومعايشته هو الدخول في تجارب باطنية شخصية وينتهي الأمر بمن يجرفهم هذا التيار من المسلمين إلى خلل كبير في مصادر المعرفة”، وفق تعبيره.

وأورد خالد التوزاني في ورقته أن “المعرفة الباطنية هي مصدر العلم اليقيني لدى هذا النوع من الملحدين، ومن هنا يقعون في إنكار الغيب (…) ويؤمنون بقوة غيبية مطلقة أزلية، لكنها ليست “الله”؛ (…) ويعتقدون أنه من هذه القوة أو الروح تنبثق كائنات أو قوى روحانية نورانية وظلامية، ولكنها ليست الملائكة ولا الشياطين التي أخبرت عنها الرسل، وجاء ذكرها في الكتب السماوية”.

spot_img