كشفت سلسلة من الأبحاث الحديثة ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للوقاية من سكري الحمل وإدارته بشكل فعال طوال حياة المرأة، وذلك من خلال الفحص والتشخيص المبكر لتقليل مضاعفاته أثناء الحمل والولادة، وللحد من خطر الإصابة بحالات صحية أخرى لاحقًا في الحياة. نُشرت نتائج هذه السلسلة في “مجلة لانسيت” (The Lancet) وقدمت في الجلسات العلمية لجمعية السكري الأمريكية في مدينة أورلاندو بولاية فلوريدا.
سكري الحمل هو نوع من السكري يُكتشف أثناء الحمل حيث تكون مستويات الجلوكوز في الدم أعلى من المتوسط، ويعتبر من أكثر مضاعفات الحمل الطبية شيوعًا عالميًا، حيث يؤثر على واحدة من كل 7 حالات حمل.
أهمية الفحص والتشخيص المبكر
أوضح البروفيسور ديفيد سيمونز من جامعة ويسترن سيدني في أستراليا أن هناك حاجة ملحة لتغيير كيفية تشخيص وإدارة سكري الحمل، ليس فقط خلال فترة الحمل ولكن طوال حياة الأم والطفل. وأشار إلى أن سكري الحمل حالة معقدة تتطلب مراعاة عوامل الخطر الفردية والملف الأيضي للمريضة لتحقيق أفضل النتائج الصحية.
انتشار سكري الحمل وأهمية التدخل المبكر
مع تزايد معدلات السمنة في العالم، زادت أيضًا معدلات انتشار سكري الحمل بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف في العديد من البلدان خلال العقدين الماضيين. تتراوح معدلات الانتشار الحالية من 7% في أمريكا الشمالية إلى 28% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بين 30% و70% من النساء المصابات بسكري الحمل يعانين من ارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم منذ بداية الحمل (20 أسبوعًا أو قبل ذلك)، مما يؤدي إلى مضاعفات حمل أسوأ مقارنةً بالنساء اللاتي لا يظهر لديهن سكري الحمل إلا في وقت لاحق من الحمل.
المخاطر الصحية المرتبطة بسكري الحمل
النساء المصابات بسكري الحمل يواجهن خطرًا أعلى بـ10 أضعاف للإصابة بالسكري من النوع الثاني في وقت لاحق من الحياة، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الدهون في الدم، والسمنة، والكبد الدهني، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
التوصيات
توصي معايير التشخيص الحالية لمنظمة الصحة العالمية بالفحص بين الأسبوع 24 و28 من الحمل، لكن الأدلة الحديثة تشير إلى أن سكري الحمل يمكن اكتشافه في وقت مبكر. يمكن الكشف عن سكري الحمل في وقت مبكر باستخدام اختبار تحمل الجلوكوز الفموي، خاصةً بين النساء الأكثر عرضة للعلاج بالأنسولين وتعرضًا لمضاعفات الحمل.
أظهرت الدراسات الحديثة أن التعرف على سكري الحمل وعلاجه قبل 20 أسبوعًا من الحمل يمكن أن يقلل من مضاعفات الحمل وما بعد الولادة، ويحسن من جودة الحياة ويزيد من معدلات الرضاعة الطبيعية، مما يقلل من احتمالية الإصابة بالسمنة والسكري من النوع الثاني وغيرها من الحالات الصحية طويلة الأمد.
قالت الدكتورة هيلينا باكمان من جامعة أوريبرو في السويد: “فوائد اكتشاف سكري الحمل المبكر واضحة. يمكننا الحفاظ على صحة الأمهات والأطفال خلال الحمل ونأمل أن نواصل هذا المسار مدى الحياة. ما نحتاجه الآن هو الفحص المبكر ونهج لإدارة سكري الحمل يأخذ في الاعتبار الموارد المتاحة وظروف المريض”.
