تحتضن مدينة مراكش، خلال الفترة الممتدة مابين 16 و26 مارس الجاري، فعاليات الدورة الثانية عشرة لموسم “زهرية مراكش”، احتفاء بقدوم فصل الربيع، وبتقاليد تقطير ماء الزهر وطقوسها المغربية العريقة، وهي تظاهرة ثقافية ذات بعد رمزي كبير، تكرس المدينة الحمراء كعاصمة لتقطير ماء الزهر بالمغرب الكبير.
وذكر بلاغ للمنظمين، أن تظاهرة “زهرية مراكش”، التي تنظمها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار احتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي لعام 2024، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، والمجلس الجماعي لمدينة مراكش، ومجلس جهة مراكش – آسفي، والعديد من الجمعيات والمراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية، تروم الحفاظ على هذا التقليد العريق، وتمكين الجمهور من اكتشاف تقنيات تقطير زهر النارنج.
وحسب المصدر نفسه، فإن “زهرية مراكش”، جرى تسجيلها منذ شهر يوليوز 2022، لدى منظمة “الإيسيسكو” كتراث ثقافي للعالم الإسلامي، مبرزا أن جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، التي تنظم كل سنة “زهرية مراكش” بهدف ضمان استدامتها والحيلولة دون انقراضها، ما فتئت تعمل على إدراج هذا التقليد على قائمة التراث الثقافي اللامادي الوطني.
وسطر منظمو الدورة ال12 من هذه التظاهرة الثقافية، برنامجا غنيا ومتنوعا، يمتد على مدى 10 أيام، يتضمن تنظيم دورة تكوينية لفائدة المتعلمين والمتعلمات حول كيفيات تقطير ماء الزهر، وذلك بمقر جمعية منية مراكش بالجبل الأخضر، وكذا مراسم تقطير ماء الزهر في العديد من الفضاءات والمراكز الثقافية بالمدينة الحمراء.
وسيكون جمهور هذه التظاهرة، التي ستحتضنها فضاءات تاريخية بالمدينة الحمراء، على موعد مع جلسة في فن الحكاية الذي يصنف في خانة الثقافة الشفهية والشعبية، بالإضافة إلى وصلات موسيقية في الطرب الأندلسي تحت إشراف الفنان محمد باجدوب، وعروض في ألوان موسيقية عريقة، مثل الملحون والدقة المراكشية.
وأشار المصدر، إلى أن “تقطير الزهر، عبارة عن مجموع مراسم تقطير ماء الزهر احتفالا بقدوم فصل الربيع، في الأوساط الأسرية لأهل مراكش، وهي طقوس حضارية نسوية بالأصالة قديمة العهد ضاربة في التاريخ الحضري للمدينة، تتعهدها ربة البيت وتلقنها لبنتها، بعدما أخذتها عن الجدة”.
وتقبل نساء مراكش على عملية التقطير، سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية، إبان ظهور زهر النارنج في شهر مارس على الأشجار. وقد يدوم حضور الزهر في المدينة لمدة أربعة أسابيع تقريبا أو يزيد، ويظهر في أوجه مع حلول فصل الربيع يوم 21 مارس، ويجري اقتناء زهر النارنج (الزنبوع) عادة من سوق العطارين بعد أن يقطفها الغراسون من البساتين.
ويهتم، اليوم، بهذا العنصر، إضافة إلى الوسط النسوي، الذي تعاهده وتحافظ عليه منذ قرون، أوساط حديثة من جامعيين وخبراء وباحثين وصيادلة وعطوريين وتجار وغيرهم.
وأوضح مولاي جعفر الكنسوسي رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، أن مراسيم وطقوس تقطيرالزهر، يشكل مناسبة حضارية إنسانية تتوفر على قدرات هائلة لإعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين الناس داخل الأسر وفي المجتمع وبين أهل مدينة مراكش وتعزز الشعور بالانتماء القومي.
وأشار الكنسوسي، إلى أن الجمعية تسعى إلى إقامة حفل خاص بتقطير ماء الزهر سنويا وترسيم موسميته، وتعمل على إرساء هذا الاقتراح الثقافي ذي الأبعاد الاحتفالية والاقتصادية، معتقدة أن من شأن موسم “زهرية مراكش” أن يعزز الصناعات الثقافية والخلاقة بالمملكة، ويسهم في إشعاع المدينة الحمراء ثقافيا و يعززها اقتصاديا وسياحيا، محليا وعالميا.
يذكر أن جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، التي تأسست سنة 2006، تسعى، على الخصوص، إلى التعريف بتراث المدينة العتيقة لمراكش، في تمظهراتها المعمارية والموسيقية والروحية، وكذا إلى الحفاظ عليه وإحيائه.