أوصى فريق “جيل فاطمة المرنيسي” المشتغل تحت لواء “مركز منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية” بضرورة “توقيع الاتفاقية رقم 156 الصادرة عن منظمة العمل الدولية، بشأن المعاملة المتساوية بين العمال الرجال والعاملات النساء الصادرة سنة 1981، والهادفة إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العمل من خلال المعاملة بالمساواة بين الرجال والنساء في القطاع الخاص”.
وأكد الفريق الذي أعد دراسة في الموضوع، نُشرت حديثا، على أهمية “خلق انسجام بين النصوص التنظيمية كقانون الشغل والقانون الجنائي والقانون العام للضرائب وقانون الوظيفة العمومية، إلى جانب مقتضيات الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية في هذا الشأن، فضلا عن مبدأ المسؤولية المشتركة بين الأب والأم المنصوص عليها في مدونة الأسرة”.
الفريق ذاته شدد كذلك على “ضرورة التوجه نحو مأسسة حملات إعلامية وتكوينية وتحسيسية في مختلف الإدارات والمقاولات تتعلق بالحماية من التمييز، والحرص على مراقبة التطبيق الفعلي للتدابير المتخذة من طرف المؤسسات من أجل إلغاء كل أشكال التمييز ضد النساء”.
الدراسة التي تحمل عنوان “العمالة النسائية بالمغرب: فعلية القوانين على المحك” أكدت، استنادا إلى تقارير مؤسسات وطنية ودولية اقتصادية واجتماعية، “تفاقم التمييز بين الجنسين في بيئة العمل، خصوصا في ما يتعلق بالأجور، إذ إن نسبة 91 في المائة من هذا التفاوت تعود إلى التمييز بين الذكور والإناث، بما يحيل على مطالب تعزيز التوعية للحد من هذا التفاوت وتحقيق المساواة بين الجنسين في أماكن العمل”.
وأشارت الدراسة ذاتها إلى مجموعة من التحديات، “لعل أبرزها مسألة التفاوت في الأجور كشكل من أشكال عدم نجاعة السياسات والتدابير المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في مجال بيئة العمل”، موردة أن “تحقيق هذه المساواة يعد تحديا مستمرا رغم الإصلاحات الدستورية والمعيارية التي مكنت من إحراز تقدم في مساهمة المرأة في التنمية بشكل عام”.
من هذا المنطلق اعتبر معدو الدراسة أن “فعلية هذه الإصلاحات تبقى غير كافية في ظل غياب رؤية واضحة للتحقيق الفعلي للمساواة بين الجنسين على المستويات الاقتصادية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية، في وقت يحتل المغرب وفقا لتقديرات دولية المرتبة 130 في مجال التفاوت في الأجور بين الرجال والنساء، والمرتبة الـ 133 على صعيد المشاركة الاقتصادية للنساء”.
الوثيقة التي طغت عليها “لغة الاحتجاج النسوية المسنودة بالأرقام” عادت لتؤكد أن “الدستور الحالي للمغرب يتضمن عددا من الحقوق التي تتماشى مع مضامين الاتفاقيات الدولية، وتهدف إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في المجتمع المغربي وإزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء؛ فالمادة التاسعة من مدونة الشغل لسنة 2004 تمنع جميع أشكال التمييز بين الجنسين في مجال التشغيل، وضمنت حقوق المرأة في إبرام عقود الشغل والمشاركة النقابية وتحظر أي تمييز في الأجر بين الجنسين”.
وأحال المصدر ذاته على التقرير السنوي لبنك المغرب لسنة 2021، الذي أشار إلى أن “13,8 مليون امرأة من بين 18,2 مليون مغربية يوجدن في سن العمل، غير أنهن يتوفرن على مؤهلات ضعيفة؛ وأزيد من 46 في المائة منهن غائبات عن سوق الشغل، في وقت حتى وإن حصلن على عمل فإنه عادة ما يتسم بالهشاشة والضعف من ناحية الجودة”.
الدراسة التي أعدها فريق “جيل فاطمة المرنيسي” اعتمدت كذلك أرقاما صادرة مؤخرا عن المندوبية السامية للتخطيط، اعتبرت أن “91 في المائة من عوامل التفاوت في الأجور بين النساء والرجال تعود إلى التمييز بين الجنسين، في حين أن النسبة المتبقية والبالغة 9 في المائة تتعلق بالاختلافات بين الخصائص الفردية للنساء والرجال”.
وذكر المرجع نفسه في الأخير أن “الممارسات المتعلقة بتدبير الموارد البشرية وتفصيلها على مقاس الذكور ذوي الالتزامات العائلية الضئيلة، إلى جانب أوقات العمل الصارمة التي تتجاهل الالتزامات العائلية أو عدد ساعات العمل المفرطة، تقصي النساء ولا تسمح لهن بالتوفيق بين مسؤوليات العمل والمسؤولية العائلية”.