بعنوان “ديناميات الهجرة في حوض المحيط الأطلسي – دراسَتَـا حالة من المغرب ونيجيريا”، الذي يعدّ أحدث إصداراته بالتنسيق مع “المجلس الأطلسي- مركز أفريقيا”، نَشر “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” تقريراً (عبارة عن كتاب صغير) يقع في 25 صفحة، من تأليف أمل الوصيف، باحثة بارزة في العلاقات الدولية بـ”مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” (PCNS) ، وكونستانس بيري نيومان، زميل أول غير مُقيم بـ”مركز أفريقيا” التابع لـ”المجلس الأطلسي” (Atlantic Council).
التقرير الذي حُرِّر باللغة الإنجليزية وطالعت جريدة هسبريس نسخته الكاملة، قدَّم له ضمن تمهيد خاص كريم العيناوي، الرئيس التنفيذي لـ”مركز سياسات الجنوب الجديد”، بمعيّة راما ييد، مدير أول بـ”مركز أفريقيا”.
“ماذا تعني الهجرة الأفريقية اليوم؟ وكيف تطورت من حيث التدفقات والطبيعة والأصول والوجهات؟ وكيف يُنظر إلى المهاجرين الأفارقة في البلدان المضيفة؟”.. أسئلة من بين أخرى يحلل هذا التقرير عبر الإجابة عنها “تعقيدات الهجرة الأفريقية في حوض المحيط الأطلسي في وقت تتكاثر فيه المبادرات الدبلوماسية حول هذا المجال الاستراتيجي”.
وحسب توطئة التقرير، فهذا التحليل “مثير للاهتمام لأن البلديْن المدروسَيْن (نيجيريا والمغرب) من بين أكثر الاقتصادات دينامية وأكثر البلدان استقرارًا في أفريقيا”.
“أرض غير مكتظة”
سجل تمهيد هذا المؤلَّف أن “تركيز التقرير على الهجرة الأفريقية إلى الشمال لا ينبغي أن يخلق تصورًا خاطئًا لهذه الهجرات ككل”، مشيرا إلى أنه “بعيدًا عن التحيّزات بشأن فيضان الهجرة للأفارقة تظل أفريقيا أرضًا غير مكتظة بالسكان مقارنة بأوروبا، التي تتمتع بكثافة سكانية أعلى بكثير”.
علاوة على ذلك، فإن “الدول الغربية ليست دائمًا الوجهة الأولى للمهاجرين الأفارقة”، وهذه إحدى خلاصات التقرير، الذي علّق بالقول “عندما يهاجرون يعطي الكثير منهم الأولوية لدولة أفريقية مجاورة. لذلك فإن هجرة الأفارقة، أولاً وقبل كل شيء، تبقى داخل أفريقيا”.
الوثيقة الأكاديمية رصدت “ازدياد التوتر حول الهجرة في ضوء التضاعف المتوقع لسكان أفريقيا بحلول عام 2050 والتنبؤ بأن الشباب الأفريقي سيشكل 42 في المائة من شباب العالم بحلول عام 2030”.
وبينما يثير هذا الاتجاه الديموغرافي “المخاوف في جزء من أوروبا يتعامل بالفعل مع مآسي الهجرة الأفريقية في البحر الأبيض المتوسط”، فإن انخفاض عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية، الذين تم تحديدهم على أنهم من البيض، من 80 في المائة قبل أربعين عامًا إلى 57.8 في المائة من إجمالي السكان، وفقًا لتعداد 2020، هو أيضًا موضوع نقاش سياسي ساخن.
“مهاجرون مغاربة بين حُلمَيْن”
“على الرغم من أن سكان أفريقيا جنوب الصحراء يمثلون 5 في المائة فقط من المهاجرين في الولايات المتحدة، فإنهم يشكلون الشريحة الأسرع نموًا، وهذا ينطبق بشكل خاص على النيجيريين الذين يَبرزون في نجاحاتهم الاقتصادية والسياسية”.
ومع ذلك فإن “جاذبية الولايات المتحدة للأفارقة لم تُقلل من المغادرة إلى أوروبا بسبب قربها الجغرافي” يستدرك التقرير.
وأضاف “إذا ذهَبَ أقل من 10 في المائة من المهاجرين المغاربة إلى الولايات المتحدة على الرغم من العلاقات طويلة الأمد والدينامية بين الولايات المتحدة والمغرب، فذلك لأنهُم يُعطون الأولوية لأوروبا، خاصة فرنسا”، كما كشفت دراسة الحالة التي قدّمتها ضمن الكتاب الباحثة أمل الوصيف، التي رصدت في هذا السياق “الاختلافات بين “الحلم الأمريكي” و”الحلم الفرنسي”، وهو تعبير نادرًا ما يستخدم لصالح “نموذج التكامل الجمهوري” republican integration model.
وحسب مضامين التقرير، “من المُرجح أن تُسرّع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وسياسات تسهيل التأشيرات المحلية هذا الاتجاه في الهجرة بين- أفريقية”.
وخلص إلى أن “أفريقيا ليست مجرد قارة يغادرها الناس؛ إنها المكان الذي يصلون إليه، مثل العمال الصينيين الذين يرافقون استراتيجية الاستثمار الصينية في نيجيريا وزامبيا وكينيا، أو البرتغاليين الذين يعيشون في أنغولا، والذين هم أكثر عددًا بكثير من الأنغوليين الذين يعيشون في البرتغال وتجتذبهم العلاقات الدبلوماسية الوثيقة واللغة المشتركة والفرص الاقتصادية”.