عين الملك محمد السادس عددا من المسؤولين على رأس بعض المؤسسات الدستورية؛ يتعلق الأمر بكل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ووسيط المملكة.
وهمت لائحة التعيينات أسماء كل من الوزير السابق باسم حزب العدالة والتنمية عبد القادر اعمارة، الذي عين رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومحمد بنعليلو الذي انتقل من مؤسسة الوسيط إلى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وحسن طارق الذي عين وسيطا المملكة.
إرساء للحكامة وتعيينات ترتبط بالكفاءة
ترى الباحثة في القانون شريفة لموير أن هذه التعيينات التي همت مؤسسات دستورية تعكس المقاربة التي يحرص الملك محمد السادس من خلالها على إرساء حكامة فاعلة فيها لما تكتسيه هاته المؤسسات من أهمية بالغة داخل البلاد.
وأوضحت لموير، ضمن تصريح، أن الأسماء المقترحة على رأس هذه المؤسسات الدستورية مشهود لها بالكفاءة والخبرة، ما يعني أن خبرتها ستنعكس بالشكل الايجابي على ديناميتها.
وأضافت أن الدينامية التي تعرفها هاته المؤسسات الدستورية المستقلة من شأنها مواكبة مجموعة الأوراش الكبرى التي ينخرط فيها المغرب.
وفيما يتعلق بتعيين القيادي السابق في حزب العدالة والتنمية عبد القادر اعمارة على رأس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، قالت الباحثة نفسها إن “اسم اعمارة لا يثير تعجبا أو استغرابا، خاصة بعد تقديمه استقالته من حزب العدالة والتنمية”، موردة أن هاته التعيينات ترتبط بالكفاءة أكثر من الانتماء السياسي.
من جهته، اعتبر الدكتور رشيد لرزق أن هذه التعيينات من شأنها أن تسهم في ضخ دماء جديدة بالمؤسسات الدستورية المعنية، ودفعها إلى مواكبة الإصلاحات التي تعرفها البلاد.
وسجل لرزق، ضمن ، أن التعيينات في مثل هذه المؤسسات تظل غير مرتبطة باللون الحزبي، على اعتبار أنها مؤسسات مستقلة بعيدة عن التجاذبات الحزبية، وما يصدر عنها من مواقف وقرارات لا تمثل بالضرورة موقف الهيئة الحزبية التي قد يكون ينتمي إليها رئيسها.
وشدد المتحدث على أن المطلوب من هاته الأسماء التي تم تعيينها، العمل على تكريس الحكامة ومنح هذه المؤسسات دينامية جديدة وجعلها فاعلة.
تحديات المؤسسات الدستورية
تواجه المؤسسات المعنية مجموعة من التحديات؛ فالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ملزم بتعزيز مهامه ليصبح فضاء تشاركيا للاستماع والوساطة الاجتماعية ورفع تطلعات المواطنين وآرائهم، وتعزيز مكانته كجسر للوساطة والديمقراطية التشاركية.
وبحسب المتتبعين، فإن المجلس الذي يرأسه اعمارة مطالب كذلك بإيلاء اهتمام خاص لمجالات الحماية الاجتماعية، والشباب، والحوار الاجتماعي، والتفاوتات المجالية.
أما السفير السابق في تونس حسن طارق، الرئيس الجديد لمؤسسة وسيط المملكة، فسيكون عليه استكشاف أدوار جديدة في مجال الوساطة لحل وتسوية بعض النزاعات والمطالب الفئوية.
كما أن مؤسسته مطالبة بالعمل على عصرنة آليات الاشتغال، وعلى رأسها القرب من المواطن ورقمنة الإدارة، وذلك لتعزيز المكتسبات التي حققتها هذه المؤسسة.
وفيما يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فإن محمد بنعليلو، الذي راكم تجربة قضائية وقانونية مهمة، ينتظر منه العمل على محاربة الرشوة من خلال التركيز على مهمة الوقاية والاستباق.
وبحكم تخصصه القضائي، فإن الرجل مطلوب منه العمل على تحقيق تعاون تام وشامل في عمل الهيأة مع مختلف مكونات السلطة القضائية والهيآت الأخرى المعنية بشكل مباشر.
وكان بلاغ للديوان الملكي أكد أن هذه التعيينات تأتي في إطار حرص الملك محمد السادس على تمكين هذه المؤسسات من الاضطلاع بالمهام المنوطة بها، وفقا لما نص عليه دستور المملكة، وتعزيز دورها في ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وتكريس الديمقراطية التشاركية، وحماية الحقوق والحريات.
وشدد بلاغ الديوان الملكي أيضا على أن هذه التعيينات تعكس العناية الخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لهذه الهيئات، باعتبارها مؤسسات دستورية مستقلة، بهدف إضفاء دينامية جديدة على مهامها، وتعزيز تفاعلها مع مختلف المؤسسات الوطنية في مواكبة الإصلاحات الكبرى والمشاريع الاستراتيجية التي يشهدها المغرب.