فضلا عن نقاشات متجددة موسميا مع حلول كل فصل صيف حول أسعار “الباركينغ” (موقف رَكن السيارات) بالأماكن السياحية بالمملكة خاصة في المدن والحواضر الكبرى، تبرز إلى الواجهة إشكالية ركن السيارات في شوارع مكتظة لمدن مغربية أصبحت تشهد توسعا عمرانيا وحضريا وديموغرافيا متسارعا.
في هذا الإطار، تَبرز أيضا كيفية تدبير “الباركينغ” في عدد من المدن التي يظل بعضُها مسيرا من طرف “شركات للتنمية المحلية” وكذا “مدى انعكاس استثمارها على توفير خدمة ركن السيارات في المدن بجودة معقولة واحترام لدفاتر التحملات في هذا الصدد.
وحسب ما توفر لجريدة هسبريس من معطيات، فإن التفكير قد بدأ فعليا في عدد من المجالس الجماعية المسيرة لهذا المرفق الحضري الحيوي نحو تقييم شامل ومعمق للنموذج التدبيري القائم، ومن ثمة إعادة النظر في طريقة منح صفقات عمومية في إطار التدبير المفوض أو فتح طلبات عروض جديدة بشروط واضحة تضمن حتى استفادة مالية الجماعة من عائدات سنوية.
يأتي هذا وسط دعوات هيئات مدنية إلى ضرورة ضمان مجانية هذه الفضاءات العمومية، أو على الأقل تحديد أسعار موحدة مع تخصيص آليات مراقبة تضمن عدم السقوط في “فوضى الجيلي الأصفر” التي باتت ظاهرة مؤرقة تحتكر الفضاء العام.
“تصور جديد”
مولاي أحمد أفيلال، نائب رئيسة المجلس الجماعي لمدينة الدار البيضاء، قال إن “الجماعة منكبة على تنزيل تصور جديد لتدبير مواقف السيارات ستتم المصادقة عليه واعتماده بعد عرضه في دورة استثنائية”، موضحا أن ذلك جاء بناء على تتبع وتشخيص أسفر عن مداخيل أصبحت ضعيفة لخدمة ركن السيارات في العاصمة الاقتصادية للمملكة.
وتابع أفيلال، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “شركة تدبير هذا المرفق الحضري الحيوي هي شركة للتنمية المحلية سنعمل من خلالها على تعميم العدادات الإلكترونية. كما نفكر في فتح طلب عروض جديد بدفتر تحملات محدد ومضبوط، مع قرار تقسيم المدينة وفضاءاتها وشوارعها على أربعة أجزاء حسب العمالات والتقسيم الترابي”.
وزاد بالشرح: “الهدف واضح وهو تثمين مداخيل الجماعة من مواقف السيارات وعدم تركها عُرضة لاحتلال الملك العام، عبر ضمان تعزيز مراقبة أكثر وانتهاج تدبير من شركات خاصة ستتقدم في إطار طلب عروض”، موضحا أن التدبير الحالي تؤمنُه خدمات “شركة الدار البيضاء للبيئة شركة للتنمية المحلية”.
وخلص المسؤول الجماعي ذاته بكبرى حواضر المغرب، التي تشهد حركية سيارات كثيفة جدا خصوصا في أوقات الذروة، إلى أن “مجال ومرفق ركن السيارات يسير نحو تنظيم أكثر، سواء من حيث التدبير أو الحكامة المالي”، مؤكدا أن “إدماج حراس السيارات في هذا التصور الجديد سيتم من خلال الشركات الخاصة التي ستتقدم بعروض ذات جودة تتناسب مع حاجيات البيضاويين”.
“استلهام تجارب دولية”
من جانبه، قال أنس البوعناني، رئيس مجلس جماعة القنيطرة، إن “مخطط التنمية الحضرية المصادق عليه مؤخرا لم يُغفِل في محاولة العمل على فتح صفقات عمومية لكراء الملك العام الجماعي قصد تسيير باركينغات المدينة”، موضحا أن الأخيرة “ما زالت إلى حدود اليوم عمومية وبالمجان، وهي الصيغة الحالية المعتمدة”.
“في إطار مجموعة من الصيغ تخص مشكل السير والجولان، بما فيها ركن السيارات، نفكر في إيجاد حلول تعالج المشكل من جذوره وعدم تكرار تجارب مدن ربما غارقة في الفوضى الناتجة عن أصحاب السترات الصفْر (جيلي)”، لفت البوعناني معلقا لجريدة هسبريس الإلكترونية قبل أن يكشف هدف الجماعة على ضمان “الاستثمار في ميدان ركن السيارات بعائد اجتماعي واقتصادي مفيد للمواطن والجماعة وباقي الفاعلين الخواص”.
وأوضح أنه سيتم “تحديد ثمن مناسب لخدمة الركن حسب كل منطقة، خصوصا وسط المدينة الذي يعرف اكتظاظا”، كاشفا توجه مدينة القنيطرة إلى اعتماد تجارب محلية ملهِمة بعدد من دول أوروبا عبر “التعاون مع شركات خاصة” في التسيير عن طريق طلبات عروض محددة الضوابط”.
وقال في هذا الصدد: التقيْنا مع مستثمرين من مدن بلغاريا والدنمارك لمحاولة تبسيط معيقات الأداء في حالة اعتماده، وكذا استخلاص المبالغ، إذ سيتم اعتماد أداء إلكتروني سريع وشفاف ومباشر، فضلا عن استفادة مالية الجماعة من نسبة مئوية من عائدات الشركة الخاصة التي ستظفر بصفقة التسيير”.
وحسب البوعناني، فإن مسألة تدبير موقف السيارات تبقى “ملحة وآنية”، مؤكدا أن مقاربتها تتم أيضا في سياق اعتماد المجلس لـ”مخطط جديد يضمن سلاسة التنقلات والسير والجولان الحضري عبر برمجة إحداث 3 ممرات تحت أرضية”.


