صارت صحراء مرزوكة بجهة درعة-تافيلالت على “أتم الجاهزية” لاستقبال زوارها من المغاربة الراغبين في تجربة “حمامات الرمال”، التي يشاع في الوعي المغربي أنها “تداوي” أمراضاً يستعصي علاجها بالوسائل الحديثة، من قبيل داء المفاصل أو “البرد” المختبئ وسط العظام، ولذلك تتحول هذه “الصحراء الشرقية” إلى عرض يتيح على امتداد فصل الصيف هذه الإمكانية.
موسم “الدفينْ” كما يُصطلح عليه محليا من طرف ساكنة أسامر، يعد من جهة أخرى فرصة بالنسبة للمنعشين السياحيين في المنطقة. هؤلاء أصبحوا في السنوات الأخيرة يكيفون خدماتهم مع “السائح المغربي”، بعد اعتمادهم خلال بدايات هندسة المشهد السياحي للصحراء، بناء على “جهود ذاتية خالصة”، على السائح الأجنبي بشكل حصري. كان ذلك من عقود خلت.
بداية “متأخرة”
علي أوباسيدي، منعش سياحي بمنطقة مرزوكة، قال إن “فترة الاستحمام بالرمال لأجل التداوي من الأمراض المستعصية تبدأ متأخرة قليلاً هذه السنة، بالنظر إلى تزامنها مع فترة ما بعد عيد الأضحى، وكذلك مع امتحانات الباكالوريا، وأساسا بسبب استمرار موسم الرياح”.
وضمن معطيات قدمها لهسبريس، سجل أوباسيدي أن “الاستعدادات بدأت على مستوى مجموعة من الوحدات الفندقية والمخيمات لأجل الأسبوع المقبل الذي تلقت العديد منها حجوزات خلاله من طرف سياح مغاربة لا شك أنهم قادمون لأجل الحصول على فترة من الدفن تحت هذه الرمال التي تصل حرارتها إلى 50 درجة مئوية أحيانا، وهي مغامرة ذات مصداقية كبيرة في التعافي يتم نشرها بين من جربها”.
وتفاعلاً مع سؤال حول هذه الحظوة التي تنالها مرزوكة مقارنة مع زاكورة التي تقدم بدورها هذه التجربة، أورد الفاعل المهني أن “مرزوكة تتوفر على كيلومترات كاسحة من الرمال، وهو الأمر غير المتوفر على مستوى زاكورة، رغم أنها بالفعل تقدم هذه الخدمة، لكن الشق الجغرافي بدوره مهم، نظرا لكون صحراء مرزوكة أقرب إلى العديد من مدن الداخل”.
وأكد المتحدث أن “هذا النوع من السياحة، أي السياحة الاستشفائية، كان على امتداد السنوات الأخيرة عنصراً أساسيا بالنسبة للعرض السياحي بالصحراء”، مشددا على “أهميته غير الخافية التي تخلق حركية اقتصادية واضحة، إذ يجد العديد من الشباب فرصة للتحرك في هذه الفترة والقيام بمهن موسمية مثل الإشراف على الحفر ودفن الزوار”. وزاد: “لا يمكن الحديث عن تصور سياحي للمنطقة بدون حمامات الرمال صيفاً”.
“تشويش الرياح”
عثمان وشاوش، فاعل مهني بالمنطقة مدير وكالة سياحية، قال إن “الموسم الحالي يتميز بطفرة حادة من الرياح التي امتدت طيلة الشهور الأخيرة، وهو ما شوش على انطلاق ذروة الموسم الخاص بالمرحلة الاستشفائية”، مبرزاً أن “الموسم بدأ ينطلق رسميا وسيزداد حين تخف الرياح بلا رجعة ويطمئن المنعشون والفاعلون إلى أن مجيء السياح سيضمن مكوثهم لأطول مدة، لكون حدة الرياح حتمت عودة بعضهم في الأسابيع الأخيرة”.
وعن أهمية هذا النوع من السياحة، قال وشاوش إنها “تكمل نظيرتها الاستكشافية والثقافية والبيئية والرياضية التي تتيحها المنطقة حسب فترات مختلفة من السنة”، مضيفا أنها “تخلق فرص شغل كثيرة؛ إذ تضطر العديد من الوحدات السياحية إلى تعزيز أطقمها من العاملين من أجل ملاءمتها مع الزيادة التي يعرفها عدد الوافدين، لا سيما وأن الفنادق تُخصص أثمنة تفضيلية وتشجيعية للقادمين في هذه الفترة، كما أن الجولات بالسيارات رباعية الدفع، لاكتشاف تراث أسامر، تنتعش”.
وضمن إفادته لهسبريس، أورد الفاعل السياحي أن “الإقبال على الشقق المجهزة للكراء بدوره يرتفع في هذه الفترة، بحكم أن بعض العائلات تأتي مجتمعة بكل أفرادها”، مشيراً إلى أن “هذا الرواج معروف كل صيف بالمنطقة ويعول عليه الفاعلون، خصوصا وأن مخيمات عديدة مجهزة بمكيفات لتبريد الجو الذي يشهد حرارة جد مرتفعة في الخارج، كما أن الفنادق بدورها متصفة بمعايير عالمية”.
وعن الفرق بين “عرق الشكاكة” بزاكورة و”عرق الشبي” بمرزوكة من حيث هذا الزخم وهذا الإقبال رغم أن كثبان عرق الشكاكة تتيح هذه الإمكانية، قدم وشاوش معطى أن “الوصول إلى صحراء الشكاكة بالإقليم المذكور صعب ويحتاج إلى سيارات رباعية الدفع، لكون الطريق غير معبدة للوصول إليها”، مؤكدا في ختام كلمته أن “هناك فرقا حتى من حيث نوعية الرمال، وهي مسألة واضحة انطلاقا من العين المجردة”.
ولا بد من الإشارة إلى أن حمامات الرمال المذكورة تستغرق بين 10 إلى 20 دقيقة حسب قدرة الفرد على التحمل بالنظر إلى حرارة الرمل المرتفعة، وتحتم التجربة استشارة الطبيب بشكل مسبق بالنظر إلى بعض المخاطر التي قد تطرحها “المجازفة”.
أما مرضى السكري والقلب والشرايين والضغط الدموي والفشل الكلوي، فإن الأطر الصحية والمهنيين ينصحونهم بـ”عدم الإقبال نهائيا على المغامرة”.