spot_img

ذات صلة

جمع

الرئيس الأميركي رابع أعلى قادة العالم أجرا براتب سنوي 400 ألف دولار

مع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، المقررة...

الصناعة السينمائية: مجلس النواب يُصادق على مشروع قانون لتطوير القطاع

صادق مجلس النواب خلال جلسة تشريعية، يوم الاثنين، بالأغلبية...

جمعيات فريدة و استثنائية

توجد جمعيات فريدة من نوعها تناضل من أجل الفئات...

العين يعول على رحيمي أمام النصر

يستعد نادي العين الإماراتي لكرة القدم للمواجهة المرتقبة التي...

قيدوم الصحفيين المغاربة مصطفى العلوي يرحل إلى دار البقاء

توفي صباح اليوم بمنزله بمدينة الرباط، مصطفى العلوي، مدير...

مشروع “مالية 2025” .. هل تستطيع الحكومة تحقيق توقعات النمو والتضخم؟


فضلا عن مرتكزاته الأربعة، وهي أساس أولوياته التي تشكل “رافعة لتعزيز التماسك الاجتماعي وتحصين السيادة الاقتصادية وتحقيق شروط الازدهار المنشود بالنسبة للأجيال القادمة”، جاء مشروع القانون المالي لسنة 2025 مبنيا على توقعات وفرضيات “طموحة ومتفائلة” بخصوص دينامية كل من معدل النمو ومعدل التضخم.

ولم يخل تقديم وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، للتوجهات العامة والخطوط العريضة للمشروع أمام المجلس الوزاري من الإقرار بصعوبة السياق ودقة الظرفية الاقتصادية والجيو-سياسية باستحضار تصاعد الأزمات المناخية، مبرزة أنه “تم إعداد هذا المشروع في سياق دولي صعب، بسبب استمرار التوترات الجيو-سياسية، وتصاعد الأزمات المناخية”.

ورغم ذلك، تضيف الوزيرة، فإن “المغرب تمكن من الحفاظ على استدامة التوازنات الماكرو-اقتصادية، ومن المتوقع أن تبلغ نسبة النمو 3,3 بالمائة سنة 2024″، في حين تسعى الحكومة إلى “تحقيق انتعاش اقتصادي قوي، مع تسجيل معدل نمو يصل إلى 4,6% خلال سنة 2025، وحصر معدل التضخم في حدود 2%”.

واقعية ودقة الفرضيات

تفاعلا مع الموضوع، قال عادل إيشو، محلل الشؤون المالية أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، إنه “في ظل السياق المتقلب على المستويين الوطني والدولي، تبنت الحكومة في مشروع قانون المالية لعام 2025 فرضيات اقتصادية تتوقع تحقيق معدل نمو يبلغ 4.6% وحصر معدل التضخم في حدود 2%. ومع ذلك، تثير هذه الفرضيات تساؤلات حول مدى واقعيتها، خصوصا في ظل تأخر الأمطار والاضطرابات الدولية في أسعار السلع نتيجة التوترات الجيو-سياسية المستمرة في الاشتعال”.

وفي إفادات تحليلية مفصلة ، شرح إيشو أن “الاقتصاد المغربي معتمد بشكل قوي على أداء القطاع الزراعي المتأثر مباشرة بالتغيرات المناخية. ولذلك، فتأخر هطول الأمطار هذا الموسم يشير إلى تحديات كبيرة قد تعرقل تحقيق النسبة المتوقعة للنمو”. وزاد: “القطاع الفلاحي دعامة أساسية للاقتصاد الوطني، ويعزى ما يقارب 14% من الناتج المحلي الإجمالي إليه. ولضمان تحقيق معدل النمو المستهدف 4.6%، يتطلب الوضع توافر ظروف مناخية مستقرة على الأقل بمستوى متوسط. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي لشهر أبريل 2024، فقد يصل معدل النمو في المغرب إلى 3,3% في 2025، وهو ما يعكس فارقا يتجاوز نقطة مئوية مقارنة بتوقعات الحكومة، مما يطرح تحديات إضافية حول مدى دقة هذه الفرضيات”.

“توقع محفوف بالمخاطر”؟

من جهة أخرى، أبرز الخبير الاقتصادي ذاته “اعتماد الحكومة في توقعاتها للتضخم على استقرار الأسعار العالمية، إذ حددت معدله في 2%. ومع ذلك، تبدو هذه التوقعات محفوفة بالمخاطر في ظل استمرار النزاعات الجيو-سياسية والعسكرية، خاصة مع تداعيات حرب أوكرانيا التي تسببت في تضخم عالمي في أسعار السلع والطاقة. ومن المتوقع أن يستمر هذا التأثير في ظل تعقيدات إضافية مرتبطة بالصراع في فلسطين ولبنان والهجمات في البحر الأحمر، التي قد تؤدي إلى اضطرابات في الإمدادات وارتفاع الأسعار”.

في مقابل استحضاره “توقعات المؤسسات الدولية بانخفاض معدل التضخم العالمي إلى 5.8% في 2024 وإلى 4.4% في 2025″، لفت المتحدث إلى أن “هذه التقديرات قد تتغير إذا استمرت التوترات الجيو-سياسية وتسببت في اضطرابات إضافية في الأسواق”.

“من المنتظر أن تصدر قريبا توقعات الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2024، حيث الكشف عن البيانات الأولية في 16 أكتوبر، في حين سينشر التقرير الكامل في 22 أكتوبر 2024 في إطار الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي التي تعقد حاليا في واشنطن بالولايات المتحدة”، يقول إيشو، مضيفا: “من المتوقع أن تسلط هذه الاجتماعات الضوء على التحديات العالمية وتقديم نظرة محدثة حول مستقبل الاقتصاد العالمي، قد تؤثر على توجهات الاقتصاد المغربي”.

وزاد مستدركا: “رغم التحديات، هناك نقطة إيجابية تتمثل في اعتماد المغرب بشكل كبير على الطلب الداخلي لتحفيز النمو الاقتصادي. وفقا للمعطيات، تعتمد الحكومة على زيادات في الإنفاق الاستثماري لتحفيز الطلب المحلي، مما قد يسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي. ولكن في ظل السياق الحالي، يبقى من الصعب الوصول إلى معدل نمو يتجاوز 4% بسبب الضغوط المناخية والدولية”.

وفي المجمل، خلص المحلل المالي إلى أن “فرضيات الحكومة للنمو والتضخم تبدو طموحة لكنها تواجه تحديات واضحة؛ فبينما تظل الظروف المناخية غير مستقرة، يفرض السياق الدولي المتقلب، بسبب التوترات الجيو-سياسية وتأثيراتها على أسعار السلع والطاقة، ضغوطا إضافية على الاقتصاد الوطني. من هذا المنطلق، تظل قدرة الحكومة على تحقيق هذه الأهداف رهينة بمرونتها في الاستجابة للتطورات الخارجية وبتنويع مصادر النمو الاقتصادي بعيدا عن الاعتماد الكلي على القطاع الزراعي”.

“بعض الحذر وعدم اليقين”

من وجهة نظر غير بعيدة، يرى بنعيسى نحال، أستاذ الاقتصاد في تخصص المالية العمومية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أنه “بالنسبة للنمو الاقتصادي، يظهر أن الحكومة أبانت عن بعض الحذر بتحديد فرضية النمو الاقتصادي في 4,6 في المائة، إذ كان بإمكانها رفع التوقع، خصوصا في ظل الانتعاش الذي تعرفه بعض القطاعات في ظل المشاريع التحضيرية للمنافسات الرياضية الدولية والقارية”، مستحضرا كأس إفريقيا، وكأس العالم، فضلا عن منافسات أخرى.

وقال نحال، في تصريح إن “نمو الاقتصاد يرتبط بقوة بالقيمة المضافة للقطاع الفلاحي. وبالتالي، فإن سنة فلاحية جيدة تتيح تحقيق فرضية 70 مليون قنطار في 2025 يمكن أن ترفع النمو إلى ما يقارب 5 بالمائة”.

وفي المقابل، يتابع المحلل الاقتصادي شارحا: “إذا كانت التساقطات ضعيفة وغير منتظمة مع التوقيت الفلاحي، فسيكون من الصعب تحقيق معدل نمو يفوق 4,5 في المائة”.

وبالنسبة لمعدل التضخم، علق المتحدث بأن “فرضية التضخم في حدود 2% تبقى منطقية”، مفسرا ذلك بالنظر والاستناد إلى توقعات بنك المغرب.

ولفت إلى أنه “على الرغم من النسق التناقصي للأسعار، يبقى خطر عودة التضخم حاضرا بسبب عدم ملاءمة الظروف المناخية أو بسبب تردي الظروف الجيو-سياسية والميدانية التي مازالت مرتبطة بالحرب في أوكرانيا وخطر اتساع الحرب في الشرق الأوسط بعد مرور العام الأول من حرب غزة دون آفاق واضحة للهدنة ونهاية الصراع”.

وختم أستاذ المالية العمومية بكلية الاقتصاد بالرباط بالقول إن “هذه الحالة تدعم عدم اليقين، ويمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار البترول التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات والأسعار الأخرى المرتبطة بالطاقة والنقل”.

spot_img