34 C
Marrakech
lundi, juillet 7, 2025
spot_img

ذات صلة

جمع

وفاة موظفة بعد اعتداء من مديرة متجر 7-Eleven في لوس أنجلوس

توفيت جيسيكا ماكلوغلين، البالغة من العمر 24 عامًا، بعد...

الرباط تحتضن أول بطولة عالمية مدرسية في الغولف

من 14 إلى 21 يوليوز 2025، تستضيف مدينة الرباط...

رضا بناني يُتوّج بلقب البطولة الدولية WTT M15 بطنجة

تُوّج لاعب التنس المغربي رضا بناني بلقب البطولة الدولية...

إيلون ماسك يطلق تحذيراً شديداً للجمهوريين بسبب قانون الضرائب الجديد

صعّد رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك من لهجته تجاه...

وزارة العلاقات مع البرلمان تبدأ أولى خطوات ترسيم اللغة الأمازيغية

بدأت وزارة العلاقات مع البرلمان أولى إجراءاتها العملية من...

الفقيه بنحمزة يكشف تفاصيل مرافعات ومبادئ تعديل “مدونة الأحوال الشخصية”


في أزيد من 600 صفحة صدر للفقيه المغربي البارز وعضو المجلس العلمي الأعلى مصطفى بنحمزة كتاب جديد وجّهه إلى “المهتمين بقضايا الأسرة عموما، وبقضايا المرأة خصوصا، من مختلف التيارات الاجتماعية، والمرجعيات الفكرية والثقافية، ومن جميع الأطياف السياسية”.

بعنوان “فقه الأسرة: مرافعات مقدمة إلى لجنة مراجعة مدونة الأحوال الشخصية”، صدر عن مؤسسة الأندلس للنشر والتوزيع بفاس كتاب عضو اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة مدونة الأحوال الشخصية مطلع الألفية الثالثة، موثّقا أوراقَ تقدّم بها إلى اللجنة المكلفة بمراجعة المدونة، المحطّة التي كانت “أطول نقاش فقهي وثقافي جرى في المغرب حول إعداد نص قانوني، لأنه نقاش استمر ثلاث سنوات من الاشتغال المتواصل خلال أيام الأسبوع، باستثناء أيام العطل الأسبوعية أو الموسمية”.

وشهد بنحمزة على أن هذا النقاش “كان فعلا نقاشا جادا وشاقا وحادا في بعض الأحيان، لأن المشاركين فيه كان منهم من يحمل اقتناعات قبلية راسخة، وكانوا جميعا يدركون جيدا أهمية صياغة مدونة جديدة للأسرة، للناس إليها تطلعات وانتظارات متباينة، وللمغرب منها انتظار أكبر هو أن تستديم الانسجام بين مكونات المجتمع”.

وتابع الكاتب ذاته: “بسبب تنوع المرجعيات التي كان أعضاء اللجنة يصدرون عنها، وبسبب اختلاف تكويناتهم ورؤاهم، فقد شكلوا مجموعات منها مجموعة العلماء، ومجموعة رجال القضاء، ومجموعة الناشطين والناشطات في مجال الأسرة وفي قضايا المرأة. هذا إلى جانب الإشراف والمواكبة الإدارية والتنظيمية التي قامت بها رئاسة اللجنة، مؤازرة بكتابتها المتيقظة”.

وبالتالي “بسبب ذلك التنوع والاختلاف كان منطقيا وجاريا على طبيعة الأشياء ألا تنتهي كل النقاشات إلى اتفاق وتطابق في الآراء حول جميع مواد المدونة، وقد يلاحظ المتأمل في نصوصها أن بعض بنودها جاءت معبرة عن اتفاق، كما أن بنودا أخرى جاءت معبرة عن توافق، وهي رغم ذلك لا تحمل آثار التدافع والتناقض”، يورد الفقيه المغربي، ثم استدرك قائلا: “كان واضحا وجليا منذ المنطلق أن اللجنة نفسها لم تكن إلا لجنة استشارية غير مقررة، وأن الحسم النهائي في نصوصها يظل لجلالة الملك الذي حسم فعلا في ما اختلف الأعضاء فيه، وبذلك أضفى على المدونة صبغتها النهائية”.

وأكّد عضو اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة “مدونة الأحوال الشخصية” أن اللجوء إلى التوافق حين كان ممكنا جعل المدونة “غير معبرة عن جميع آراء أي فريق، لأنها كثيرا ما تأخذ بجزء من الآراء وترد جزءا آخر، لتتشكل من كل ذلك نصوص توافقية لا تبدو عليها علامات التدافع أو التناقض”.

وسطّر مصطفى بنحمزة على أن “التوافق الحقيقي الذي تؤول إليه النقاشات المجتمعية الإيجابية لا يتحقق إلا بالمرونة، وبتراجع كل فريق عن جزء من مطالبه، وبقبوله بجزء من مطالب الفريق المقابل بغية الالتقاء على الحلول الوسطى، وهذا هو ما يحقق معنى التوافق، وحين يدّعي البعض أنه هو من يمتلك الحقيقة المطلقة ويطالب بإعادة النظر في بعض مواد المدونة، على قاعدة ‘خذ وطالب’، فإن ذلك يمثل إخلالا شائنا بمبدأ التوافق وانقلابا عليه (…) وإلا فإن الأمة هي أكبر من أن تستغفل أو تستدرج إلى ما لا تريده بهذا الأسلوب الذي يلجأ إليه من يعتقد سذاجة الأمة وسطحية تفكيرها، ومن يرى نفسه مستعليا على الأمة قاهرا لها بقدرته على المراوغة للوصول إلى أهدافه”.

ووضّح بنحمزة أنه “حين يوضع قانون منظم للعلاقات داخل الأسرة وهو غير مستوحى من اقتناعات الأمة فإنه لا يكون إلا قانونا دخيلا وغريبا عنها، وغير جدير بولائها واحترامها، خصوصا حينما يتعلق الأمر بموضوع الأسرة التي يحرص الإنسان المغربي على أن يؤسسها ويضبطها وفق تعاليم الشريعة، وهو يعلن عن رغبته تلك كلما تقدم رجل لخطبة امرأة وصرح بأنه يريد الزواج بها على كتاب الله وسنة رسوله، ثم تقع الاستجابة له ويتم الاتفاق وفق هذا الشرط وهذا الالتزام المشترك”.

ويبسط الكتاب الجديد ظروف اشتغال اللجنة التي أنيطت بها مهمة مراجعة قانون الأحوال الشخصية، وتضحيات أعضاء بها، وسؤال مرجعية المدونة، ومنهج تعامل اللجنة مع قضايا الأسرة، وأمثلة دفاع فقهاء عن حقوق ثابتة للمرأة شرعا، والإيجابيات التي حققتها المدونة للأسرة، مع بحوث مفصلة لتطوير المدونة والحفاظ على هوية الأسرة المغربية المسلمة، وقضايا الإشراف على الأسرة، والقوامة، وتأخير سن الزواج، والولاية، والصداق، وتعديد الزوجات، واقتسام الثروة بين الزوجين بطلاق أو وفاة، وانحلال ميثاق الزوجية، والولادة ونتائجها، والنفقة، والأهلية، والوصية، وتنفيذها.

ولم تستشهد هذه البحوث فقط بالفقه المالكي، المذهب المعتمد بالمغرب، بل باجتهادات متعددة لمختلف المذاهب المسلمة، وتقارير دولية، واجتهادات قانونية وطبية من أنحاء العالم.

ومن بين ما استحضره الكتاب كون التطوير من أجل التطوير ليس مقصدا صحيحا، إذا “ما لم توجد موجبات موضوعية ودواع حقيقية تفرضه، أو مصالح معطلة تستدعيه”؛ كما لفت النظر إلى أن “الاجتهاد وإن كان مأذونا به بل ومأمورا به فإنه لا يعني طلاقة التصرف في الأحكام وفق ما يتطلبه الناس أو تدعو إليه الأهواء والرغبات، لأن الاجتهاد في حقيقته الأصولية ليس استحداثا لحكم شرعي غير موجود، وإنما هو مجرد كشف عن حكم شرعي كان موجودا، وكانت الحاجة داعية إلى أن يكشف عنه الاجتهاد لا غير، وإلا فإن الحاكم في الشرع هو الله تعالى، والمجتهد إنما يسعى إلى أن يكشف عن مراد الله من أفعال العباد”.

ويقرّ الكتاب بأن مناقشة قضايا الأسرة لن يتوقف عند مدونة 2004، أو نقاش تعديل مدونة الأسرة في 2024؛ لأن “الأسرة هي في حاجة دائمة إلى تطوير نصوصها القانونية”، ولأن “موضوع الأسرة ذو صبغة ثقافية وحضارية بالأساس، وسيظل في عمق التدافع الذي يفرزه تباين الانتماءات والمرجعيات”.

لكن، “من سيخوض النقاش مستقبلا أو يكون طرفا فيه سيكون في حاجة ماسة إلى الاطلاع الجيد والموثق على مسار المطالبات السابقة ومآلاتها، كما سيكون في حاجة أكيدة إلى إدراك مستندات الأطروحات وحظها من الصواب والواقعية ومن قابلية التطبيق وإحقاق العدل، ومن ارتباط بأحكام الشريعة الإسلامية، ومدى قدرتها على تلبية الحاجات الحقيقية غير المتوهَّمة من حاجات الأسرة المغربية، التي هي امتداد لسيرورة طويلة من البناء الاجتماعي ذي الخصوصية والتميز”.

وجدّد بنحمزة التأكيد على أن “أسلوب رفض موقف الآخر لا ينتهي إلا إلى تثبيت القطبية الواحدة، وإلى تركيز أن هذا الوطن هو وطن تيار واحد، وأن على الآخرين الانقياد والانصياع لرؤيته بأي وجه تم ذلك الانصياع، وهذه رؤية أصبحت متجاوزة اجتماعيا”، كما سجّل أن “اطلاع الناس على الرؤى المتغايرة، وما استندت إليه كل رؤية من الأدلة والحجج يتيح ولا شك للمهتمين بمسار النقاش إمكانية الدخول مستقبلا في جدل إيجابي، وحوار حقيقي بين الآراء حتى لا يتجه الفكر منهجا أحاديا، فيظن أنه الحق الذي لا حق غيره، وهذه الجدلية هي وحدها التي تفضي إلى بناء رؤية متوازنة ومتصالحة مع مكونات المجتمع، وهي تصلح لأن تكون أساسا لبناء قانون اجتماعي لا يستهين باختيارات المجتمع ولا يتعالى عليها”.

spot_img