spot_img

ذات صلة

جمع

توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب والأردن لتعزيز التعاون في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته

وقعت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهيئة...

اشتباكات في جنين والاحتلال يعتقل أكثر من 20 فلسطينيا بالضفة

الأوضاع في الضفة الغربية تشهد تصعيدًا متزايدًا في ظل...

أونروا: 9 من كل 10 فلسطينيين نزحوا قسرا في غزة

الأوضاع في قطاع غزة تزداد سوءًا بشكل متسارع جراء...

أخنوش يحضر حفل استقبال أقامه الرئيس الفرنسي والسيدة بريجيت ماكرون

حضر رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، يوم الجمعة، حفل...

لماذا تحولت مصر إلى استيراد الغاز الطبيعي بعد أن كانت تصدره؟

تحولت مصر من كدولة مُصدِّرة للغاز الطبيعي إلى مستوردة...

استمرار وصم المغربيات العازبات بـ »البايرات » يسائل « عقليات الزمن البائد »


على الرغم من كل ما تم تحقيقه مؤسساتيا بالمملكة في اتجاه تحديث عقليات المجتمع المغربي ودفعها نحو الإيمان بالعيش المشترك والتخلي عن “عقليات القرن الماضي”، إلا أن عددا من الفتيات العازبات يجدن أنفسهن أمام تصورات تجعل منهن “حالات شاذة خارجات عن التصور العام للنجاح”.

وعادة ما تُسجِّلُ الفتياتُ اللواتي لم يتوفقن في تشكيل أسرة أو لا يرغبن في ذلك، استمرار نعتهن بـ”البايرات”، وهو ما انتقدته بحدة فنانةٌ مغربية مؤخرا في خروج اعلامي لها، مؤكدة أن “المجتمع دائما ما ينظر إلى العوانس على أنهن حالات خاصة، سواء بشكل علني أو بشكل مضمر”؛ الأمر الذي يؤكد الجسم الحقوقي، النسوي منه تحديدا، ضرورة تجاوزه والقطع معه سواء عبر الإعلام أو المدرسة.

وأوردت المندوبية السامية للتخطيط قبل مدة أن أكثر من 8 ملايين من نساء المملكة خلال سنة 2022 غير متزوجات، بما يصل إلى 60 في المائة من النساء في سن الزواج التي يحددها المشرع المغربي في 18 سنة، موردة أن هنالك تفاوتا بين المناطق القروية والحضرية، حيث تتراجع الأرقام بالعالم القروي.

عقليات لا تواكب العصر

محسن بنزاكور، دكتور في علم النفس الاجتماعي، قال: “في الأساس، تبقى لدى المرأة حاجة بيولوجية ونفسية واجتماعية للأمومة، ويؤثر عليها ذلك بالسلب إن لم تستطع تكوين أسرة، في الوقت الذي يتطاول المجتمع على أحقية المرأة في الحسم في قرار الزواج بمفردها، إذ دائما ما يتم ربط الفشل بالنساء دون الإشارة إلى الرجال الذين يبقون الطرف الثاني في مؤسسة الزواج”.

وأضاف بنزاكور، في تصريح لهسبريس، أن “المخيال المجتمعي عادة ما يعامل العانس على أن بها خللا أو عيبا أو أنها [شايْطة]، إلى درجة أنه لا يعترف بها في المناسبات المجتمعية الرسمية، فضلا عن كونه عادة ما يضيق عليها بالسؤال عن موعد الفرح، مما يجعلها محاطة بالحرج دائما”، مشيرا إلى أن “كل العقليات التي تتجه صوب وصم هذه الفئة هي عقليات متحجرة لا توافق العصر الذي نعيشه، في وقت كانت هذه العقلية منتشرة فيما مضى عندما كانت النساء لا يشتغلن وغير مدمجات في الدورة الاقتصادية”.

وبحسب المتحدث ذاته، “لم يعد هناك اليوم مُتّسع لاستمرار هذه التعبيرات، إذ إن بقاء نساء دون زواج يرتبط في شق منه بحريتهن وقرارهن بالبقاء كذلك، ويرتبط كذلك بمعطيات موضوعية، بما فيها ارتفاع منسوب الطلاق الذي يؤثر على اتخاذ قرار الزواج لدى الفتيات والفتيان مخافة من الفشل، ما يدفعهم/هن إلى التشبث بالحرية”.

وقال الدكتور في علم النفس الاجتماعي: “حتى نظرة الفتيات والفتيان للزواج تغيرت في الوقت الراهن، إذ كان الزواج في وقت سابق مرادفا للنجاح، بينما بات اليوم مهنيا وفكريا خالصا، وهي اختيارات لا يقبلها المجتمع مع الأسف؛ فالفكر الذكوري بدوره ما يزال قائما، إذ ما يزال تصور عجز المرأة بدون زواج مستمرا، بينما لا يتم الحديث عن إمكانية صعوبة الرجل في العيش خارج مؤسسة الزواج”.

انتهاك لحميمية الأفراد

لحسن دحماني، باحث سوسيولوجي، أفاد بأن “العنوسة في عموميتها لا ترتبط بسن محدد، بل ترتبط بتمثلات الفتيان والفتيات اليوم للزواج، كما ترتبط بتصورات تحقيق الذات والنجاح، إذ إن الفتيات يربطن النجاح بالشق الفكري والمهني، في حين إن الفتيان في جزء منهم يجعلون من تأسيس أسرة هدفا لهم”.

دحماني لفت، في تصريح لهسبريس، إلى أن “استمرار وصم فئة العوانس والنظر إليهن على أنهن حالات خاصة، يرتبط أساسا بكون المجتمع مزيجا بين التقليدي والحداثي. إلى حدود الساعة، لم نصل بعد إلى التأسيس لتصور مغربي فيما يتعلق بتحقيق الذات، فمفهوما التقليدانية والحداثة يتم استخدامهما بعشوائية، وليس كمبدأ”.

وأبرز المتحدث أن “وصم العوانس كان منذ وقت سابق منشرا كذلك، غير أنه اليوم ارتفع بازدياد معدلات الطلاق وتراجع نسب الزواج؛ فموضوع تشكيل الأسرة ليس قرار فرديا واعتباطيا، إذ إنه يرتبط بتوافر مجموعة من الشروط المادية والموضوعية، بما فيها الشغل والوظيفة القارة”، متابعا: “نحن ضد الوصم الاجتماعي لأي فتاة، سواء كانت مضطرة إلى البقاء عازبة أو لديها قناعة خاصة تجاه الموضوع”.

وزاد: “النساء العازبات يجب كذلك ألا يعتبرن أنفسهن أبدا عوانس، إذ إن اعتبار أنفسهن كذلك هو ما يكرس النظرة الناقصة تجاههن، في الوقت الذي باتت البنية الاقتصادية والاجتماعية هي المتحكمة في جزء كبير في مسألة ضعف الإقبال على الزواج وتأسيس الأسر، بما يجعل عددا من الفتيات خارج نطاق المتزوجات”.

spot_img