توقعت دراسة حديثة أن طيوراً ذات سمات فريدة في بنيتها الجسدية ربما تكون الأنواع الحية الأولى التي تؤول إلى الانقراض في خضم أزمة مستمرة يشهدها التنوع البيولوجي نتيجة تغير المناخ.
يطرح انقراض جماعي راهن أدى إلى “تجانس” لدى أنواع الطيور [بمعنى أن الطيور المتبقية على درجة كبيرة من التجانس]، تهديداً كبيراً على التنوع في السمات البنيوية لدى الطيور، على ما يتوقع باحثون من بينهم إيما هيوز من “جامعة شيفيلد” في المملكة المتحدة.
والحال أن أنواع الطيور الباقية على كوكب الأرض تختلف بشكل كبير في حجمها وشكلها الطيور في خطر حقيقي والسبب في التغير المناخي
ضمن النوع نفسه، بدءاً بالنعامة العملاقة التي لا تطير وصولاً إلى الطائر الطنان الصغير، ومعلوم أن كثيراً من هذه الأنواع، نظراً إلى خصائصه الجسدية المتفردة، يؤدي أدواراً مميزة في النظام البيئي، بدءاً من نثر البذور ونقلها بعيداً من النبات الأم بواسطة الطيور الطنانة [التي تؤدي دور النواقل الإحيائية] وصولاً إلى نبش النسور لجيف الحيوانات [مزيلة بذلك مسببات الأمراض والسموم من البيئة]، مما يؤثر في وظيفة موئلها وإنتاجيتها بطرائق متنوعة.
ومن بين 11 ألف نوع معروف من الطيور تجوب مختلف أنحاء الكوكب، يتهدد خطر الانقراض أكثر من 13 في المئة منها في خضم الانقراض الجماعي العالمي الراهن الذي أشعلته أزمة المناخ، وذلك وفق بيانات صادرة من “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” (IUCN).
في المملكة المتحدة وحدها، يواجه أكثر من ربع أنواع الطيور تهديداً خطراً مع تناقص طاول أعدادها بشدة طوال الـ 25 عاماً الماضية، على ما حذر الخبراء.
وتشير أحدث النتائج التي نشرت يوم الخميس الماضي في مجلة علم الأحياء الحالي “كارينت بيولوجي”Current Biology إلى تراجع بالغ في أعداد أنواع حية ذات سمات متفردة وحلول محلها أنواع أكثر انتشاراً تملك خصائص جسدية شائعة.
وفي تصريح أدلت به في هذا الشأن ذكرت الدكتورة هيوز أنها وزملاءها قد وجدوا “أدلة قوية تدعم الفرضية القائلة بأن أكبر الأنواع الحية وأصغرها تعتبر الأنواع الأكثر عرضة لخطر الانقراض”.
ويحذر العلماء من أن هذا الواقع ربما يقود إلى أن تصبح الطيور أكثر تشابهاً مع بعضها بعضاً في هيئتها وبنيتها الجسدية فيما أزمة المناخ آخذة في التفاقم.
وقالت الدكتورة هيوز، “ومع انقراض الأنواع الحية يتوقع أيضاً فقدان السمات التي تمثلها هذه الكائنات، ولكننا وجدنا أنه بالنسبة إلى التنوع المورفولوجي [التنوع في شكل وبنية الكائنات الحية وخصائصها المميزة]، كان فقدان الصفات بمعدل أكبر بأشواط مما يتوقع أن يحمله اندثار الأنواع الحية فقط”، مضيفة “يكتسي هذا الواقع أهمية كبيرة لأنه يقود إلى خسارة كبيرة في الاستراتيجيات والوظائف البيئية”.
وحذر العلماء من أن معظم المناطق الإيكولوجية في مختلف أنحاء العالم، كما يُتوقع، ستفقد التنوع في السمات البنيوية الموجود لدى الطيور بمعدل أكبر مما هو متوقع في فقدان الأنواع وحده، “علماً أن أكثر المناطق المعرضة للخطر موجودة في شرق آسيا ومرتفعات الهمالايا وسفوحها”.
وإذ ضربوا مثلاً باندثار النسور في منطقة الهمالايا، قال الباحثون إن هذه الطيور الجارحة التي يتهددها الانقراض على نحو خطير، باعتبارها كبيرة الحجم وآكلة جيف، “تملأ مواقع مميزة” من نظامها البيئي.
كذلك قال العلماء إن النسور بسماتها الجسدية المميزة تقدم خدمات بالغة الأهمية لنظامها الإيكولوجي من طريق التخلص من الجثث المتحللة “التي تعزز الانتقال المباشر للأمراض المعدية، وتزيد من أعداد الحيوانات القمامة التي تملك المهارة اللازمة للانقضاض على فريسة كبيرة تعاني عيباً جسدياً ما، وذلك من قبيل الكلاب والفئران التي تنشر داء الكلب والطاعون الدبلي”.
“بناء عليه، ليس مستبعداً أن تكون الخسارة الكبيرة للتنوع المورفولوجي في المناطق البيئية في الهيمالايا مدفوعة جزئياً بفقدان النسور [الكواسر]، وهي مجموعة الطيور الأكثر عرضة للخطر”، كتب الباحثون في الدراسة.
وللأسف، “يتهدد الخطر أيضاً الغابات الجافة والرطبة في جنوب فيتنام وكمبوديا”، قالت الدكتورة هيوز.
لذا يحدو الباحثين أمل بأن النتائج الجديدة ستساعد الناس في معرفة كيف أن فقدان التنوع البيولوجي سيغير العالم.
واستناداً إلى نتائج الدراسة الجديدة لا بد من أن تكون حماية مجتمعات الطيور الأكثر عرضة لخطر التجانس في شكلها وبنيتها وفي تطورها الوراثي “أولوية رئيسة في جهود حماية البيئة”، على حد قولهم.
وحذر العلماء من أن النتائج ربما لا “تعكس فعلاً الحجم الحقيقي” لهذا التجانس المورفولوجي الذي سيطرأ، والذي بدأت آثاره تتبدى فعلياً، في حقبة من تغير المناخ المدفوع بأنشطة الإنسان وفق اندبندنت عربية.
وختمت الدكتورة هيوز بالقول إن “أزمة الانقراض العالمية أكبر من فقدان الأنواع الحية، وتعني أننا نفقد سمات فريدة وتاريخاً تطورياً، بما في ذلك الكائنات التي يمكن أن تمنح فوائد فريدة للبشرية غير معروفة حالياً”.