في تصريحات قوية، نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، ردت على محاولات التشكيك في المعطيات المالية التي تقدمها الحكومة، مؤكدة أن الأرقام التي تعرضها الحكومة هي مسؤولية مشتركة، ورفضت بشدة التشكيك في صلابة هذه الأرقام وميزانية الدولة، مشيرة إلى أن “تحليل هذه الأرقام قد يختلف، لكن التشكيك في مصداقيتها غير مقبول”.
خفض العجز والديون: خطة الحكومة المتوسطة المدى
الوزيرة أعلنت أن الحكومة تواصل جهودها لتقليص العجز المالي، حيث تهدف إلى تقليص العجز إلى 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2024، ثم إلى 3.5 في المائة في 2025، وصولاً إلى 3 في المائة في 2026. بالنسبة للمديونية، قالت فتاح إنه من المتوقع أن تصل إلى 69 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، مشيرة إلى أن صلابة الاقتصاد الوطني هي العامل الرئيسي الذي يسمح بتحقيق هذه الأهداف الطموحة.
نجاحات الاقتصاد الوطني: من السياحة إلى السيارات الكهربائية
فتاح استعرضت نجاحات الاقتصاد المغربي في عدة قطاعات، مؤكدة أن الاقتصاد الوطني يتمتع ب مناعة وصلابة، كما أظهرت ديناميكية واضحة في مختلف المجالات. قالت: “يجب أن نفخر بما تحقق”، مشيرة إلى الأرقام القياسية في قطاع السياحة التي لم تكن متوقعة، إلى جانب التطورات المهمة في قطاع صناعة السيارات، بما في ذلك السيارات الكهربائية. وزيرة الاقتصاد والمالية أضافت أن المغرب أصبح اليوم جزءًا من النظام العالمي لإنتاج السيارات الكهربائية، مع التركيز على الاستثمار في البطاريات الكهربائية، في ظل التنافس الجيوسياسي بين الدول الكبرى على هذا القطاع.
التركيز على دعم التشغيل: 14 مليار درهم في قانون المالية
فيما يخص التشغيل، أكدت الوزيرة أن الحكومة خصصت 14 مليار درهم لدعمه في قانون مالية 2025، موضحة أن التحدي الأكبر يبقى في تحقيق المزيد من فرص العمل. فتاح أكدت أن التنوع القطاعي في الاقتصاد المغربي، بما في ذلك الفلاحة والسياحة وصناعة السيارات والطاقة النظيفة، يشكل مكسبًا كبيرًا، حيث يساهم في خلق الثروة و تعزيز الاقتصاد.
الأبعاد الأربعة لقانون المالية 2025: استباقية واجتماعية وماكرو-اقتصادية
من خلال عرضها لمشروع قانون المالية 2025، تحدثت فتاح عن أربع أبعاد سياسية أساسية:
- البعد الاستباقي: جاء استنادًا إلى الأزمات التي مرت بها الحكومة، بما في ذلك الجفاف و زلزال 8 شتنبر و الفيضانات، ما ساعد الحكومة على تقليل تأثير الأزمات على المواطنين وتخفيف تداعياتها الاقتصادية.
- البعد الاجتماعي: ركزت على تنزيل ورش الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية التي أصبحت واقعًا لعدد كبير من المغاربة، موضحة أن الحكومة تعمل بشكل مكثف لتسريع تنزيل هذا الورش.
- البعد المجالي: تم تخصيص حصة أكبر للجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة، بزيادة نقطتين من 30 إلى 32 في المائة، مما يساهم في تحسين العدالة المجالية.
- البعد الماكرو-اقتصادي: من خلال تعزيز إطار النمو الاقتصادي المستدام عبر الاستثمار في القطاعات المتنوعة.
القدرة الشرائية والدعم الاجتماعي: 105 مليارات درهم
فيما يتعلق بالقدرة الشرائية للمواطنين، ردت الوزيرة على انتقادات المعارضة بشأن الدعم الحكومي، مؤكدة أن الحكومة خصصت 105 مليارات درهم لدعم القدرة الشرائية للمواطنين بين 2022 و 2025. وقالت فتاح: “إذا أردنا أن نبقى في هذه الجملة، فيمكن أن يكون لها وقع يتطلب شرحه للمواطنين”، في إشارة إلى أهمية التواصل الواضح حول سياسات الحكومة لدعم الفئات الاجتماعية الضعيفة.
التحديات المستقبلية:
في نهاية مداخلتها، أكدت نادية فتاح أن الحكومة لا تنكر وجود تحديات اقتصادية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق بمسألة التشغيل والظروف الدولية المتقلبة. لكنها شددت على أن المغرب يمتلك خطة طموحة للمستقبل تعتمد على الاستثمار في القطاعات المستقبلية مثل الطاقة المتجددة و الصناعة، ما يضمن استدامة النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
تصريحات نادية فتاح تظهر أن الحكومة المغربية واثقة في الأرقام والإنجازات الاقتصادية التي حققتها حتى الآن، وأنها ملتزمة بمواصلة التنمية المستدامة، مع التركيز على تحديات التشغيل و دعم القدرة الشرائية. وعلى الرغم من التحديات الكبيرة، تبرز خطة الحكومة كاستراتيجية متكاملة تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي وتحسين مستوى الرفاه الاجتماعي في البلاد.