يحتفل الشعب المغربي، غدًا الأربعاء، بفخر واعتزاز بالذكرى التاسعة والأربعين لإعلان جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي تعتبر حدثًا بارزًا في تاريخ استكمال الوحدة الترابية واسترجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة.
تُعد المسيرة الخضراء السلمية تجسيدًا لرغبة الشعب المغربي في استعادة جزء من أراضيه واستكمال استقلاله الوطني. ففي 16 أكتوبر 1975، أطلق جلالة الملك الحسن الثاني دعوة لتنظيم هذه المسيرة التي شكلت نموذجًا تاريخيًا في التحرر من الاستعمار واسترجاع الصحراء المغربية، التي كانت تجمع سكانها روابط البيعة مع سلاطين المغرب.
تزامن إعلان المسيرة مع إصدار محكمة العدل الدولية في لاهاي لرأيها الاستشاري حول الصحراء، والذي أكد حقوق المغرب المشروعة في استرجاع أراضيه، مما أسس لشرعية المطالب المغربية على الصعيد الدولي.
شددت المحكمة في قرارها التاريخي على أن الأراضي المعنية لم تكن يومًا أرضًا خالية، حيث كانت هناك روابط قانونية وثيقة تجمع بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء، مما يعزز من شرعية مطالب المغرب.
كما كان هذا الاعتراف بداية لعملية استرجاع أراضٍ خضعت للاستعمار. في 16 أكتوبر 1975، ألقى الملك الحسن الثاني خطابًا إلى الأمة أعلن فيه عن تنظيم المسيرة الخضراء، التي أبهرت العالم بسلميتها.
انطلقت المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975، لتجسد تمسك المغاربة بأرضهم ووحدتهم حول العرش، وتبرز إجماع كافة فئات المجتمع المغربي على قيم السلام ونبذ العنف.
ساهمت المسيرة المظفرة في بداية مسار البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية، حيث بدأت تعبئة وطنية حقيقية من أجل النهوض بالتنمية في هذه المناطق، مما ساعد على إزالة آثار المرحلة الاستعمارية وتمكينها من مواكبة التنمية كغيرها من جهات المملكة.
تم إطلاق مشاريع تنموية واسعة، تركز على تحسين رفاهية المواطن، مما أتاح تغييرًا جذريًا في الأقاليم الجنوبية.
اليوم، وفي ظل الدينامية الإيجابية لقضية الصحراء المغربية، يرسخ المغرب سيادته على ترابه، بينما تزداد اعترافات الدول بحقوقه التاريخية على صحرائه، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا.
تتمتع مبادرة الحكم الذاتي بدعم واسع من عدد متزايد من الدول، كمقاربة وحيدة للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع في إطار سيادة المملكة.
في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية، أكد جلالة الملك أن هذه الدول تدعم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الصحراء، وتعزز من موقعها كمحور للتواصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وأضاف الملك أن المغرب ينفذ مبادرات استراتيجية قارية، مثل مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، ومبادرات تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.
كما أشاد جلالته بالتضامن بين المغاربة، الذي أسهم في تحقيق المكاسب على طريق طي ملف الصحراء وتعزيز التنمية في الأقاليم الجنوبية.
إن المسيرة الخضراء تشكل محطة تاريخية تحمل دلالات عميقة في نضال المغاربة، ملكًا وشعبًا، من أجل تحقيق الوحدة الترابية، وتلهم الأجيال القادمة في السعي نحو تعزيز مكانة المغرب بين الأمم.