في توركهام على الحدود مع باكستان، تصطف شاحنات محملة بالفاكهة والفحم بانتظار دفع الرسوم الجمركية لحركة طالبان التي باتت تتقن جباية الضرائب منذ أن استعادت الحكم في أفغانستان ، وتشهد البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم؛ لكن هذا لا يمنع استمرار حركة الأموال، كما لو أن شيئا لم يحدث منذ أن استولت طالبان على السلطة في غشت 2021
في وسط كابول، تقوم دورية من جامعي الضرائب بتفتيش بازار تفرض فيه ضرائب على بائعي العسل ومستحضرات الشعر وغيرها من المنتجات ، وقال مسؤول في جمعية أجنبية في أفغانستان: “أفيدَ باستمرار بأن (طالبان) تقوم بعمل جيد في تحصيل الإيرادات، حتى عندما يكون النشاط الاقتصادي ضعيفا جدا”. وأضاف لوكالة فرانس برس: “كان ذلك صدمة”
في نهاية يناير، تحدث تقرير صادر عن البنك الدولي عن تحصيل “قوي” للعائدات التي بلغت 136 مليار أفغاني (1،4 مليارات يورو) خلال الأشهر التسعة الأولى من 2022. وتتماشى هذه النتيجة عموما مع تلك التي حققتها الحكومة السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، في سنتها الأخيرة في الحكم
مع ذلك، تثير هذه النتائج تساؤلات في بلد يعاني أكثر من نصف سكانه من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
فساد أقل
أورد البنك الدولي أنه يتم تمويل حوالي 60 في المائة من ميزانية طالبان من الرسوم الجمركية، مثل تلك التي تُدفع في مركز توركهام الحدودي، الواقع في ولاية ننغرهار شرق البلاد ، وتحمل الشاحنات، التي تدخل إلى أفغانستان بشكل أساسي، مواد غذائية – فاكهة ودقيق يقدمها برنامج الأغذية العالمي؛ بينما تتوجه قوافل من الشاحنات المحملة بالفحم أو الكروميت إلى باكستان، عبر خط السير المعاكس ، وأبرمت باكستان، التي تطالها أزمة الطاقة العالمية فيما تشهد انهيارا اقتصاديا خفض احتياطاتها من الدولار، صفقة لدفع ثمن الفحم الأفغاني بالروبية، لتتمكن بذلك من الالتفاف حول مورديها المعتادين في جنوب إفريقيا وإندونيسيا
وأفاد تقرير نشرته مجموعة الأبحاث “اكسبت”، في 2022، بأن صادرات الفحم باتجاه باكستان “تضاعفت على الأرجح” في ظل حكم طالبان وحققت لأفغانستان 160 مليون دولار (150 مليون يورو)، أي أكثر بثلاث مرات مما كانت تجنيه الإدارة السابقة
كذلك، جرى الحصول على إيرادات عبر عمالة الأطفال، وهي ممارسة شائعة في صناعة التعدين الأفغانية وترتبط بالأجور الزهيدة والتدابير الأمنية المتدنية
وقال سليمان بن شاه، نائب وزير التجارة والصناعة السابق: “كانت هذه استراتيجيتهم منذ البداية: زيادة العائدات بأية وسيلة”
نجحت حركة طالبان، التي تعتمد على القانون والنظام، في معالجة مشكلة الفساد التي تعاني منها الخزائن العامة للحكومات الموالية للغرب خلال الحرب التي استمرت 20 عاما ، وتقدمت أفغانستان 24 مرتبة في 2022 لتحتل المرتبة الـ150 في تصنيف منظمة الشفافية الدولية في ما يتعلق بمفهوم الفساد، وهو من المؤشرات القليلة التي تتحسن في البلاد
وفي توركهام، شرح سائق شاحنة لوكالة فرانس برس أنه في ظل النظام السابق، كان يدفع 25 ألف أفغاني (260 يورو) عند نقاط التفتيش غير القانونية التي كانت موجودة على طريق رحلته إلى مزار شريف الواقعة على بعد أكثر من 600 كيلومتر في الشمال الغربي
وقال نجيب الله (30 عاما): “الآن، نسافر ليلا نهارا، ولا أحد يطلب منا أن ندفع” هذا المبلغ
من جهته، أفاد أحمد ولي حقمل، المتحدث باسم وزارة المال، بأن “لدى أفغانستان القدرة (على جمع الضرائب)، هذا ما نقوم به”. وأضاف: “سابقا، كان الفساد المشكلة الرئيسية” ، وسجل المحلل توريك فرهادي “أنهم أكثر فعالية؛ لأن الناس يخافون منهم”. وأضاف: “طالبان تقود الإدارة بقبضة من حديد. لديهم البنادق، ولا أحد يستطيع أن يسرق المال”.