صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) كان محط اهتمام عالمي خلال العقد الماضي بسبب إنفاقه الكبير في مختلف الأسواق العالمية، حيث استقطب العديد من صانعي الصفقات والمصرفيين ومديري الأصول الباحثين عن رأس المال. لكن بحسب تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، فإن هذا العهد من “المال السهل” السعودي يقترب من نهايته، حيث يقوم الصندوق حاليًا بإعادة تقييم أولوياته للتركيز على الالتزامات المحلية الضخمة.
التقرير يشير إلى أن الصندوق البالغ قيمته 925 مليار دولار، بدأ بتطبيق شروط أكثر صرامة على التمويلات التي يقدمها، مثل توظيف المزيد من الموظفين المحليين واستخدام جزء من التمويل للاستثمار داخل المملكة. هذا التحول يشير إلى رغبة الرياض في تعزيز الاستثمارات المحلية لدعم خطط التنمية الوطنية بدلاً من الاعتماد على الإنفاق الكبير في الخارج.
كما أشار التقرير إلى أن الصندوق قام بخفض حجم استثماراته في الأصول الأجنبية، حيث انخفضت قيمة حيازاته المتداولة من الأسهم الأمريكية من حوالي 35 مليار دولار في نهاية عام 2023 إلى 20.5 مليار دولار في نهاية يونيو 2024. هذا يأتي في وقت تقلص فيه المملكة إنتاج النفط لمحاولة استقرار أسعار النفط الخام، مما أثر على عائدات الحكومة وأعاد الميزانية إلى العجز.
في المقابل، يستمر الصندوق في الاستثمار المحلي بقوة، حيث يهدف إلى ضخ 40 مليار دولار سنويًا في المملكة، مع التركيز على تطوير قطاعات مثل السياحة، والرياضة، والتعدين، والتصنيع. المملكة أيضًا تستعد لاستضافة مجموعة من الأحداث الدولية الكبرى مثل كأس العالم 2034 ومعرض إكسبو 2030، مما يعكس طموحاتها في تحويل الاقتصاد وتطوير البنية التحتية.
التقرير يوضح أن هذا التحول يمثل جزءًا من استراتيجية نضج الاقتصاد السعودي، حيث تسعى المملكة لتحقيق توازن بين الاستثمارات المحلية والدولية لضمان استدامة النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف رؤية 2030.