تأسست الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في عام 1957 بهدف رئيسي هو تعزيز الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مع ضمان عدم تحويلها للاستخدامات العسكرية. لكن، كما يظهر من تاريخ الأحداث وتطور السياسات العالمية، فإن الوكالة تواجه تحديات كبيرة في تحقيق هذا التوازن الدقيق.
القصف النووي على هيروشيما وناغازاكي في عام 1945 شكّل نقطة تحول في التاريخ العالمي، حيث دفعت تلك الأحداث الدول إلى التفكير بجدية في تبعات استخدام الأسلحة النووية. أدى هذا إلى تأسيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد سنوات قليلة، كرد فعل على نمو تكنولوجيا الأسلحة النووية وانتشارها، خصوصاً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة.
أهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية:
- الترويج للاستخدام السلمي للطاقة النووية:
- تسعى الوكالة إلى تسريع وتوسيع مساهمة الطاقة النووية في السلام والصحة والازدهار العالمي. تشمل هذه الجهود تقديم المشورة للدول الأعضاء، والمساعدة في تطوير مشاريع الطاقة النووية السلمية، والتدريب وتبادل الخبرات العلمية.
- ضمانات عدم الانتشار النووي:
- تتأكد الوكالة من أن المواد والتكنولوجيا النووية المستخدمة في الأغراض السلمية لا تُحوّل إلى أسلحة نووية. تشمل هذه الضمانات إجراء عمليات تفتيش دورية للدول الأعضاء، والتحقق من التزامهم بمعاهدات منع الانتشار النووي.
- السلامة النووية:
- تركز الوكالة على تأمين المحطات النووية من الحوادث وتقديم المساعدة في حالات الطوارئ. بعد حادثة تشيرنوبيل في 1986، زادت الوكالة من جهودها في مجال السلامة النووية.
التحديات والانتقادات:
- التفويض المزدوج:
- يعمل التفويض المزدوج للوكالة على تعزيز التكنولوجيا النووية السلمية ومنع انتشار الأسلحة النووية، مما يثير جدلاً حول تناقض هذه الأهداف. إذ يرى البعض أن الترويج للتكنولوجيا النووية يعزز من إمكانية تحويلها للاستخدام العسكري.
- ضغوط سياسية:
- تتعرض الوكالة لضغوط من الدول الأعضاء، مما قد يؤثر على قدرتها على فرض تدابير منع الانتشار بشكل فعال.
- استجابة حالات الطوارئ:
- تلقت الوكالة انتقادات خلال حادثة مفاعل فوكوشيما في 2011 بسبب بطء استجابتها وعدم وضوحها. تعمل الوكالة على تحسين هذه الاستجابة من خلال تعزيز عمليات التحقق من السلامة.
السباق النووي والإنفاق:
بعد نهاية الحرب الباردة، شهد العالم فترة من الاستقرار النووي النسبي. لكن في السنوات الأخيرة، عاد الإنفاق على الأسلحة النووية إلى الارتفاع، حيث أنفقت الدول النووية مبالغ ضخمة على تحديث ترساناتها النووية. هذا الاتجاه يعيد فتح النقاش حول مخاطر السباق النووي واحتمالات نشوب نزاعات تستخدم فيها هذه الأسلحة.
الأثر العالمي لحرب نووية:
أظهرت الدراسات العلمية أن حرباً نووية إقليمية، حتى وإن كانت “صغيرة”، يمكن أن تؤدي إلى تغيرات مناخية كارثية، مثل انخفاض درجات الحرارة العالمية وحدوث مجاعة واسعة النطاق. تشير هذه الدراسات إلى أن التبعات البيئية والاجتماعية لأي نزاع نووي ستكون مدمرة على نطاق عالمي.