شهدت الأخبار الزائفة (Fake News) انتشارًا غير مسبوق في عصر الإنترنت، حيث ساهمت السرعة الفائقة لتداول المعلومات عبر المنصات الرقمية في تضليل عدد كبير من المتلقين، خصوصًا من فئة الجيل الجديد (Gen Z). في هذا السياق، بات التحقق من صحة المعلومات (Fact-checking) ضرورة ملحة لحماية الرأي العام.
في ظل هذه البيئة الإعلامية المفتوحة، أصبح للصحفيين دور محوري في التحقق من المعلومة قبل نشرها، ومواجهة المد المتزايد للمحتوى المفبرك والمضلل.
وفي هذا السياق، أعدت مجموعة العمل « التنظيم والإعلام الرقمي » التابعة للمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، تحت إشراف نرجس الرغاي، دليلًا خاصًا لمكافحة التضليل الإعلامي، أكدت فيه أن أدوات التحقق من المعلومات في تطور مستمر، لكن الهدف يبقى واحدًا: نشر الوعي بضرورة التحقق من الأخبار المتداولة، خصوصًا على مواقع التواصل.
ويحذر الدليل من أن « القدرة غير المحدودة للمستخدمين على نشر المعلومات، دون قيود أو حدود، تقوض ثقة الجمهور، بل وقد تهدد الأنظمة الديمقراطية ».
نماذج من الأخبار الزائفة
من بين أبرز الأمثلة التي عكست خطورة الأخبار الزائفة، قضية الطفل ريان الذي سقط في بئر بإحدى قرى شمال المغرب، حيث ترافقت تغطية الحادثة مع انتشار واسع للإشاعات والمعلومات المغلوطة على الإنترنت.
ومؤخرًا، تداولت بعض الصفحات الأجنبية على مواقع التواصل مقاطع فيديو مجتزأة من فيلم قصير منشور سابقًا، وادعت أنها توثق انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في المغرب، مما أثار موجة من التضليل وسوء الفهم، ما دفع السلطات إلى فتح تحقيقات لتحديد المسؤولين عن هذه الأفعال.
كما نفت ولاية جهة الدار البيضاء بشكل قاطع إشاعة تم تداولها على نطاق واسع تدّعي أن السلطات أمرت بإغلاق المحلات التجارية في المدينة.
الحذر واجب… والتقنين ضرورة
يشدد الدليل على ضرورة توعية الجمهور بخطورة التضليل الرقمي، والدعوة إلى إحداث قاعدة بيانات وطنية خاصة بالأخبار الزائفة، إلى جانب تطوير تطبيق إلكتروني يُمكّن المواطنين ووسائل الإعلام من الإبلاغ عن الأخبار المضللة، والمساهمة في نشر المعلومات الدقيقة.
وفي ظل هذا الواقع، تبقى يقظة المواطن هي خط الدفاع الأول، عبر تجنّب مشاركة المعلومات غير المؤكدة، والاعتماد على مصادر موثوقة، في سبيل بناء فضاء رقمي مسؤول وآمن.