دعا المشاركون، خلال ندوة علمية حول موضوع ” تقطير زهرة النارنج (الزنبوع)”، نظمت في إطار الدورة 12 من الموسم السنوي “زهرية مراكش”، إلى ضرورة الاهتمام والعناية بعملية تقطير ماء الزهر باعتبارها من التقاليد المتوارثة.
وأوضح المتدخلون، في هذا اللقاء الذي نظم بمبادرة من طلبة ماستر الثقافة والتراث والسياحة المستدامة بكلية الآداب العلوم الإنسانية بمراكش، بشراكة مع جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، في إطار احتفالية المدينة الحمراء عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024، أن هذا الاهتمام يتعين أن يتجلى في الإكثار من غرس شجر الرنج “الزنبوع” على جنبات الشوارع الرئيسية والحدائق والمنتزهات العمومية والخصوصية، لما لذلك من الفوائد والمزايا المتعددة والمتنوعة، اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا وسيكولوجيا.
وأرجع المشاركون، الفضل في مزاولة عملية تقطير ماء الزهر، النشاط الحرفي والحضاري، لنساء مراكش اللواتي نجحن في الحفاظ على هذه العادة الثقافية والاقتصادية من الزوال بعدما عانى من خطر الاندثار.
وفي هذا الإطار، أكد عبد الجليل لكريفة عميد كلية الآداب العلوم الإنسانية بمراكش، أن تقطير ماء الزهر يعتبر من التقاليد المغربية الأصيلة، والمراكشية على وجه الخصوص، التي دأبت عليها الأسر المغربية، وهو تقليد مشترك بين جميع الأسر وبمختلف مستوياتها، مشيرا الى أن الكلية تسعى الى أن تكون مرآة لمراكش تعكس الجانب الثقافي والتراثي الذي تزخر بها وأن تكون صرحا للالتقاء وتلاقح كل الكفاءات والفعاليات الثقافية والتراثية داخل المدينة.
من جانبها، ، أوضحت خديجة العلوي المشرفة على ماستر الثقافة والتراث والسياحة المستدامة أستاذة اللغة الفرنسية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، أن هذا الماستر يمكن الطلبة من كسب الكفايات في اختيار وتنظيم التظاهرات ذات البعد الثقافي والهادفة إلى تنشيط المحيط الثقافي لمراكش، مؤكدة، أن تقطير الزهر بالمدينة الحمراء يعد تقليد ومن الطقوس التي يزخر بها التراث المغربي، والذي يواكب المغاربة في حفلاتهم ومطبخهم وفي تحضير حلوياتهم وفي كل مناحي الحياة.
بدوره، أشار مولاي جعفر الكنسوسي رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، أن الاحتفاء بموسم تقطير ماء الزهر سارت تقليدا سنويا لمراكش ياعتبار المدينة عاصمة شجرة النارنج (الزنبوع)، مبرزا ان هذه المراسيم اصبحث تراثا وطنيا مسجل لدى وزارة الثقافة ولدى منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو”.
وأكد الكنسوسي، أن الموسم السنوي لتقطير ماء الزهر “زهرية مراكش”، تحتفي بقدوم فصل الربيع، وبتقاليد تقطير ماء الزهر وطقوسها المغربية العريقة، والمنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار احتفالية مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024.
وتخلل هذا اللقاء تقديم عرض تطبيقي حول الطريقة المغربية الأصيلة في تقطير الزهر ومراسيمها وطقوسها، اعتمادا على أداة مصنوعة من النحاس تسمى “القطارة”.
وتتكون القطارة من 3 أوعية نحاسية، يملأ الأول بالماء ويوضع على النار ويسمى “البرمة” وفوقه وعاء آخر به ثقوب صغيرة وفيه توضع الزهور وبعض حبات النارنج ويسمى “الكسكاس” ثم وعاء ثالث شكله هرمي يسكب فوقه الماء البارد. وبعد غلي المياه يتصاعد البخار مرورا بوعاء الزهر إلى قبة الوعاء الهرمي حيث يحتك البخار بالمياه الباردة فتتكاثف قطرات ماء الزهر، وتنسكب عبر أنبوب طويل في زجاجات. ودأبت جمعية منية مراكش لاحياء تراث المغرب وصيانته، على تقطير زهور النارنج وفق الطريقة التقليدية، في فعالية سنوية تهدف إلى إحياء هذه المهارة التي كانت تميز البيوت المراكشية في الماضي، من خلال حرص النساء مع دخول فصل الربيع على تقطير الزهور في المنازل بطريقة تقليدية، ووفق طقوس أصيلة، اعتمادا على أداة مصنوعة من النحاس تسمى “القطارة”.