استهل قاضي التحقيق بالغرفة المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، أمس الثلاثاء، تحقيقاته الأولية، في قضية الاختلالات التي شابت عمليات منح رخص السكن وشهادات المطابقة الخاصة بمشاريع عقارية، وأوراش بناء ذاتي، بجماعة حربيل “المدينة الجديدة لتامنصورت” التابعة لعمالة مراكش، بالاستماع إلى عدد من الموظفين بالجماعة، بناءً على ملتمس من الوكيل العام للملك بالمحكمة نفسها، يقضي بإجراء تحقيق إعدادي معهم، على خلفية شكايات تقدمت بها هيئات حقوقية، بخصوص الاختلالات التي شابت منح التراخيص ورخص السكن.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها “الصحراء المغربية”، فإن التراخيص التي يجري التحقيق فيها ، تعود إلى الولاية السابقة للمجلس، الذي أشرف على تدبير شؤون جماعة حربيل”المدينة الجديدة لتامنصورت”.
وكانت وزارة الداخلية، وجهت مراسلات الى رؤساء الجماعات الحضرية والقروية، تتضمن تعليمات بتوجيه مصالح التعمير بالجماعات الترابية إلى الالتزام بالقانون، خصوصا مقتضيات المرسوم رقم 2.13.424 المتعلق بالموافقة على ضابط البناء العام، المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة، وذلك بغية تجميد “ريع” تسليم رخص السكن (permis d’habiter) وشهادات المطابقة.
واستندت الإدارة المركزية في تعليماتها الجديدة لرؤساء الجماعات إلى تقارير حول قيام بعض مصالح التعمير في جماعات بعينها بزيارات ميدانية إلى أوراش انتهت الأشغال بها ووضع أصحابها طلبات الحصول على رخص السكن وشهادات المطابقة من طرف المهندسين المعماريين المكلفين بهذه المشاريع، عبر المنصة الرقمية المخصصة لهذه الغاية “رخص. ما” (rokhas.ma)، دون التقيد بالمادة 49، التي تنص على أنه “في حالة تولي مهندس معماري إدارة أشغال البناء، يتعين الاكتفاء بشهادته عن المعاينة، التي يشهد بموجبها على مطابقة الأشغال المنجزة للتصميم المرخص، وكذا بيانات رخصة البناء”.
وحسب عدد من المهتمين بالشأن المحلي، فإن تعليمات وزارة الداخلية تستهدف القطع مع “ريع” الحصول على الرخص والشهادات المذكورة، خصوصا بعد تسجيل مجموعة من التراخيص لعدد مهم من المشاريع العقارية غير المطابقة، مع تناسل شبهات فساد ورشوة حول عمليات منح الرخص، إضافة إلى ارتفاع منسوب النزاعات عند إجراء المعاينات النهائية بين أصحاب مشاريع وإدارات جماعية بشأن تعديلات في تصاميم البناء.
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، دخلت على خط اعتقال الرئيس الحالي لجماعة حربيل تامنصورت وموظفة بقسم التعمير، من أجل الارتشاء، وطالبت بتوسيع التحقيقات لتشمل باقي نوابه بخصوص ما يتصرفون فيه من تفويضات طيلة انتداب المجلس الجماعي الحالي.
وشددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، على أن المحاكمات والمساءلة رغم أهميتها، لا يمكن أن تحد من ظاهرة الفساد إذا لم تواكبها إجراءات سياسية وتدابير قوية تقطع مع الريع والإمتيازات وسياسة التستر والعفو عن ما سلف، كما هو الحال مع ملف الرئيس السابق لجماعة حربيل تامنصورت والبرلماني المحكوم ابتدائيا بسنتين وغرامة مالية محددة في 20 ألف درهم في ملف متعلق بسوء التسيير والتدبير بنفس الجماعة خلال مدة انتدابه.
وطالبت الجمعية الحقوقية، باسترجاع الأموال المنهوبة والمهدورة واستثمارها في المجالات الاجتماعية ذات الأولوية وخلق الشروط المناسبة للتنمية، مع العمل على تجريد كل من تبث في حقه المس بالمال العام أو التطاول على سلطة القانون، والاغتناء غير المشروع بما فيه الرشوة، من ممتلكاته وتوظيفها لخدمة الساكنة وإنجاز مشاريع إجتماعية، مما يفرض تنصيب الدولة أو المجلس الجماعي طرفا مدنيا في الملفات المعروضة على القضاء، علما أن المجلس في كثير منها غائب عن التنصيب فيما يشبه تبادل المصالح والمنافع وغض الطرف عن الفساد المالي.