دعا المشاركون، خلال لقاء بمراكش، خصص لمناقشة التحديات المرتبطة بهندسة المناظر الطبيعية والحلول التي تضمن استدامتها، الى تطوير استراتيجية مستدامة لتعبئة الموارد المائية، من أجل ضمان استمرارية واستدامة النظم البيئية لواحة النخيل بالمدينة الحمراء.
وخلال هذا اللقاء، المنظم بمبادرة من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، بشراكة مع جامعة هارفارد الأمريكية، سلط المشاركون الضوء على الإكراهات والإشكاليات القائمة حاليا على مستوى واحة النخيل من قبيل ندرة المياه وتأثير التغيرات المناخية على هذا الفضاء، وإبراز الجهود والأنشطة الرامية إلى تجاوز هذه التحديات، فضلا عن تطوير مشاريع في إطار من التكامل مع الأنشطة المنجزة من قبل مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، واقتراح حلول بيئية واجتماعية من شأنها المساهمة في إعادة تأهيل وحماية واحة النخيل بمراكش من التدهور.
وأكد المشاركون، على الأهمية التي يوليها جلالة الملك محمد السادس للحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي، مشددين على ضرورة تكثيف الجهود في مجال البحث العلمي والتقني الرامية إلى إيجاد تدابير وحلول وقائية أكثر فعالية، لتمكين واحة النخيل من التكيف مع التحديات التي تواجهها والتغلب على الإكراهات التي تواجهها.
وأوصى المشاركون بحماية وتثمين واحات النخيل في ظل توالي فترات الجفاف وندرة المياه التي تشهدها المملكة، مع العمل على إعادة استعمال المياه العادمة في مجال سقي هذه الواحات لضمان استدامتها ومقاومتها لآثار التغيرات المناخية.
وركز المشاركون على أهمية الاستمرار في تعزيز الاستدامة والحفاظ على واحة النخيل بالمدينة الحمراء، والتأكيد على العمل الجماعي للحفاظ على هذه النظم البيئية الفريدة ودعم المجتمعات التي تعتمد عليها.
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أوضح عبد الغني الطيبي مدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، وممثل كرسي اليونيسكو بالمغرب في “البناء بالتراب، ثقافات البناء والتنمية المستدامة”، أن الهدف الأساسي من هذا اللقاء العلمي، هو تبادل الخبرات والتجارب وخلق شبكة علمية لفائدة طلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، بالإضافة إلى الإنصات للخبراء لبناء بنك معلومات لدى الطلبة حول كيفية المحافظة على واحات النخيل بمراكش وتنميتها، وضمان استدامتها، مشيرا الى أن المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش تجعل من هندسة المناظر الطبيعية محورا أساسيا داخل المقرر الدراسي لها.
من جانبه، أكد ستيفان تيشير، أستاذ هندسة المناظر الطبيعية بجامعة هارفارد، على الدور المحوري الذي تضطلع به مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة في توحيد جهود مختلف الفاعلين على المستوى الوطني، في مجال حماية البيئة، مبرزا الجهود الكبيرة المبذولة والأوراش الكبرى المفتوحة من أجل حماية وتنمية واحات النخيل بمراكش.
وأشار في هذا السياق، إلى أن مرصد واحة النخيل قام بأنشطة مهمة من أجل حماية هذا التراث الألفي من خلال على الخصوص، إرساء دينامية حقيقية للتعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وشكل هذا اللقاء، فرصة لتحقيق الإلتقائية بين المؤسسات المتدخلة في واحات النخيل والوقوف على مكامن الخلل والمخاطر وكذا استشراف المشاريع المستقبلية للحفاظ على هذه الواحات في ظل نقص المياه، وكذا البحث عن طرق بديلة لضمان استدامة هذه المناظر الطبيعية.
وكان هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة طلبة من جامعة هارفارد، مناسبة لتعميق المعارف وتبادل التجارب بين هؤلاء الطلبة ونظرائهم من المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية وكذا مع الأساتذة والخبراء في المجال، وفرصة للعمل مع الفاعلين الترابيين والمختصين والأكاديميين والفاعلين الجمعويين والمواطنين على تطوير سبل هندسة المناظر الطبيعية بالمدينة.
وتضمنت أشغال اللقاء العلمي مجموعة من المحاور البالغة الأهمية، بالنسبة للتنمية الحضرية بمراكش وبالمملكة بشكل عام، وهمت على الخصوص التعمير والهندسة المعمارية والمآثر التاريخية، والمحافظة على البيئة وخاصة واحة النخيل التي تشكل أحد المكونات الأساسية لهوية المدينة الحمراء وإحدى الواحات الأكثر جمالا على الصعيد الوطني، والتي حظيت بعناية ملكية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.