تواصل العينات التي جلبها رواد الفضاء من رحلات « أبولو » إلى القمر تقديم رؤى علمية جديدة حول تكوين الغلاف الجوي الرقيق للقمر. وفقًا لدراسة حديثة نُشرت في دورية « ساينس أدفانسز »، اكتشف فريق من الباحثين أن انفجار النيازك على سطح القمر هو المسبب الرئيسي لتكون هذا الغلاف.
الغلاف الجوي للقمر: « إكسوسفير »
أظهرت رحلات الفضاء خلال العقود الماضية أن للقمر غلافًا جويًا رقيقًا يُعرف علميًا باسم « إكسوسفير » (Exosphere)، يتكون أساسًا من عناصر مثل الهيليوم والأرغون والصوديوم والبوتاسيوم. وعلى عكس الغلاف الجوي للأرض، فإن « إكسوسفير » القمر هش جدًا وذراته متطايرة وغير متجانسة.
دور النيازك في تكوين الغلاف الجوي
وفقًا للدراسة، يتكون الغلاف الجوي للقمر نتيجةً لاصطدام النيازك بسطحه. هذه الاصطدامات تولد حرارة شديدة تتراوح بين 2000 و6000 درجة مئوية، ما يؤدي إلى تبخر الصخور وإطلاق ذرات تتصاعد وتفلت من جاذبية القمر. هذا النشاط يساهم بنسبة 70% في تكوين الغلاف الجوي للقمر.
التجوية الفضائية والرياح الشمسية
بالإضافة إلى دور النيازك، تسهم الرياح الشمسية في تكوين الغلاف الجوي بنسبة 30%. الرياح الشمسية، التي تحمل جزيئات مشحونة عالية الطاقة، تؤثر على تربة القمر وتنقل إليها الطاقة، مما يتسبب في تناثر التربة وارتفاعها عن سطح القمر.
رحلات الفضاء لدراسة الغلاف الجوي للقمر
رغم أن رحلات « أبولو » كانت البداية في الكشف عن هذه الظاهرة، فإن مهمة « إل آي دي إيه إيه » التابعة لوكالة « ناسا »، التي أُطلقت في عام 2013، كانت الأكثر تخصصًا في دراسة الغلاف الجوي القمري. لقد دارت المهمة حول القمر وجمعت بيانات شاملة حول تكوين الغلاف الجوي وتقلباته، مما ساعد العلماء في فهم ديناميكياته بشكل أفضل.
دور النظائر في البحث
اعتمد الباحثون في دراستهم على عينات تربة القمر التي جلبتها رحلات « أبولو ». تفاعل تربة القمر المستمر مع الغلاف الجوي يترك بصمات مميزة في تركيب النظائر، التي يمكن قياسها باستخدام تقنيات متطورة مثل « مطيافية الكتلة ». من خلال دراسة نسبة النظائر المختلفة، تمكن العلماء من الوصول إلى النتائج الحالية حول تكوين الغلاف الجوي للقمر.
استنتاجات وأهمية البحث
توفر هذه الدراسة فهمًا أعمق لآلية تكوين الغلاف الجوي الرقيق للقمر وتأثير العوامل الخارجية مثل النيازك والرياح الشمسية عليه. ورغم أن وتيرة سقوط النيازك الكبيرة قد انخفضت مع مرور الزمن، فإن النيازك الصغيرة تستمر في التأثير على الغلاف الجوي للقمر حتى اليوم.


