تفتيشية المالية: مكاتب دراسات « وهمية » تُعرقل إنجاز الصفقات العمومية

0
40

مشاريع منجزة، وفواتير غير مدفوعة، وشركات تعاني أزمة مالية خانقة. وراء هذه الوضعية، تكشف تقارير عن واقع مقلق يتمثل في اختفاء مكاتب دراسات بعد انتهاء الأشغال، ما تسبب في تجميد مستحقات مالية وتأخير تسوية ملفات عديدة.

فمنذ أسابيع، تواصل المفتشية العامة للمالية (IGF) التحقيق في عدد من الصفقات العمومية العالقة داخل مؤسسات ومقاولات عمومية. وأظهرت المعطيات الأولية أن بعض مكاتب الدراسات اختفت تمامًا بعد انتهاء المشاريع، تاركة ملفات ناقصة وتقارير غير منجزة، ما حال دون المصادقة على مستحقات الشركات المنفذة.

ونتيجة لذلك، تُقدَّر المبالغ المالية المجمدة بملايين الدراهم، فيما تظل محاضر التسليم غائبة، وشركات عديدة تنتظر منذ شهور، بل منذ سنوات، صرف مستحقاتها رغم انتهاء الأشغال فعليًا.

مصادر مطلعة كشفت أن عدداً من المسؤولين العموميين يعترفون، في الكواليس، بوجود تهاون واضح في متابعة هذه المكاتب، التي تُختار أحيانًا بناءً على العلاقات الشخصية أكثر من الكفاءة المهنية، ما أدى إلى تراكم مشاريع « معلّقة » وأزمات مالية للشركات المتضررة.

وقد وسّعت المفتشية العامة للمالية نطاق تحقيقاتها ليشمل الصفقات المبرمة منذ سنة 2020، قصد تحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة. وتشير التحقيقات إلى وجود خلل هيكلي في نظام تفويض الخدمات، حيث تُسند مهام تقنية أساسية إلى مكاتب دراسات خاصة لا تتوفر دائمًا على الخبرة أو الموارد المطلوبة، بدل الاعتماد على الكفاءات الإدارية الداخلية.

رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، كان قد حذّر مؤخرًا من هذه الممارسات في مذكرة رسمية، داعيًا إلى ضرورة ضبط طلبات العروض الخاصة بالدراسات، وتقليص الاعتماد على المكاتب الخاصة عبر تفعيل الكفاءات المتوفرة داخل الإدارات العمومية.

ورغم هذه التوجيهات، ما تزال صفقات الدراسات تتكاثر في عدد من القطاعات دون مراقبة حقيقية، ما يعكس خللاً عميقًا في تدبير المال العام تسعى المفتشية العامة للمالية اليوم إلى تصحيحه.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا