وسط تصاعد الغش الضريبي وتعقيد أساليبه، أطلقت المديرية العامة للضرائب استراتيجية حديثة تعتمد على التكنولوجيا والتحليل الذكي للبيانات، بهدف تعزيز النزاهة المالية وإعادة بناء الثقة بين الإدارة ودافعي الضرائب، مع تقديم حوافز تشجيعية للمقاولات الملتزمة.
وتعتمد هذه الخطة على دمج تكنولوجيات متقدمة وأنظمة تحليلية دقيقة تمكن الإدارة من التنبؤ بالمخاطر وكشف مؤشرات الغش قبل وقوعها. كما يبرز في صميم التحول دور قسم تحليل المخاطر والبرمجة، الذي وضع خريطة طريق لبناء إدارة ضريبية “ذكية” قادرة على توجيه الرقابة نحو المناطق الأكثر عرضة للتلاعب.
وتستفيد الشركات الملتزمة من امتيازات ملموسة تحت علامة “المساهم المواطن”، تشمل تخفيف وتيرة المراقبة وتسريع معالجة طلبات استرجاع الضريبة على القيمة المضافة، لتصبح الالتزامات الضريبية قيمة مضافة وليست عبئًا.
وفي المقابل، شددت الإدارة العقوبات على المخالفات الجسيمة، خصوصاً الفواتير الوهمية والغش في الضريبة على القيمة المضافة، التي تسببت في خسائر مالية تجاوزت 8,5 مليارات درهم. وتشير البيانات إلى ضبط نحو 50 ألف مقاولة متورطة في شبكات إصدار وبيع الفواتير المزيفة.
كما تعمل المديرية على إطلاق مستودع ضريبي شامل للمخاطر، ويُلزم المقاولات باستخدام برامج محاسبية معتمدة، مع تقديم سجلاتها عند الطلب، بهدف تعزيز الشفافية ودقة متابعة المعاملات.
ويعكس هذا التوجه تحول المغرب نحو نموذج جبائي حديث يعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتحليل السلوكيات الضريبية، وتفعيل الردع إلى جانب تقديم الحوافز للمقاولات المنضبطة، مما يفتح آفاق إدارة ضريبية أكثر فعالية وقدرة على حماية الاقتصاد الوطني.

