تعتبر مدينة مراكش المغربية إحدى أكثر المدن زيارة على الصعيد العالمي، حيث صنفت سنة 2015 كأول وجهة سياحية في العالم حسب موقع tripadvisor، متفوقة بذلك على مدن مثل “باريس”، “لندن”، “روما”، وغيرهم. ويرجع هذا لما تتميز به المدينة الحمراء من مقومات يجعل السياح من مختلف دول العالم يقبلون عليها ويجعل السياحة في مراكش تجربة لا تنسى، حيث تمزج المدينة بين التاريخ العريق، الفنون المتنوعة، الطبيعة الخلابة، الجمال الساحر، إضافة إلى الأماكن السياحية والترفيهية التي تلبي تطلعات السياح.
فمدينة مراكش تضم عددا كبيرا من المعالم التاريخية التي مرت عليها قرون من الزمن وشهدت حكم دول مختلفة، كما أن مناخها متنوع بين المناخ المعتدل الرائع، المناخ الجبلي البارد، الطبيعة الخضراء الهادئة. إضافة إلى أنها مدينة ثقافية بامتياز، حيث تضم جامع الفنا المصنف ضمن التراث الإنساني اللامادي الذي يجتمع فيه رواة القصص والأحاجي، مروضو الأفاعي والقردة، الموسيقيون وغيرهم. إضافة إلى فنادقها الفاخرة والطبخ المغربي المتميز الذي يضم مأكولات ذات شهرة عالمية مثل الطاجين المغربي والكسكس وغيرهم. كل هذه الأسباب وأكثر يجعلها نقطة جذب سياحي عالمي ذات سمعة مرموقة.
تعرف معنا في هذا المقال على السياحة في مراكش الساحرة وتاريخها، مناخها المميز وأي وقت أنسب لزيارتها، مميزات المدينة إضافة إلى معالمها الأثرية الفريدة.
مدينة مراكش
تعتبر مدينة مراكش إحدى أكبر المدن المغربية وأكثرها تاريخا وأصالة، مدينة صقلها التاريخ وطبعت عليها الحضارة، أسست على يد أول الحكام المرابطين وأشهرهم يوسف بن تاشفين عام 1062، وتسمى أيضا بالمدينة الحمراء بسبب اللون الأحمر المستعمل في أغلب بناياتها، وكذلك باسم عاصمة النخيل لانتشار النخيل في مختلف أرجائها.
تعتبر مدينة مراكش رابع أكبر مدينة مغربية من حيث عدد السكان، حيث وصل عدد سكانها إلى حوالي 1.2 مليون نسمة وفق آخر التقديرات. وتبلغ مساحتها حوالي 230 كيلومتر مربع، كما تعد ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش أكثر ساحة ازدحاما في القارة الافريقية، حيث رسخت نفسها كمساحة ترفيهية تقليدية.
السياحة في مراكش منتعش للغاية، حيث أنها عددا من الأماكن السياحية والترفيهية كالحدائق الفريدة مثل حديقة ماجوريل، المتاحف المميزة كمتحف مراكش مثلا، الأزقة المتعرجة والأسواق التقليدية، إضافة إلى البنايات التاريخية والمساجد كمدرسة بن يوسف وجامع الكتبية وغيرهم.
تتوفر مدينة مراكش على مطار مراكش المنارة الدولي RAK، كما أنها تتوفر على محطة قطار تربطها ببقية المدن المغربية. الشيء الذي يسهل عملية الوصول إلى المدينة على الصعيدين المحلي والدولي.
جو ومناخ مدينة مراكش والوقت المناسب للسياحة في مراكش
يعتبر مناخ مدينة مراكش مناخا شبه جافا، ما يجعله مميزا لزيارته في فصل الربيع وفصل الخريف، وذلك بين شهري مارس ومايو وكذلك بين شهري سبتمبر ونونبر. حيث تكون الأجواء في معظم الأحيان في هذه الفترة مشمسة مع درجة حرارة معتدلة ودافئة، الشيء الذي يسمح باستكشاف المدينة ومعالمها وأماكنها السياحية بشكل مريح للغاية.
كذلك تعتبر الطبيعة التي تحيط بالمدينة متنوعة بشكل جذاب، حيث تحيط بها الطبيعة الجبيلة الرائعة التي تنتشر بها الوديان والأماكن السياحية الرائعة، كما توجد بها قمة توبقال التي تعد أعلى قمة جبلية في قارة أفريقيا. إضافة إلى أنها تضم طبيعة صحراوية في أماكن مثل صحراء أكفاي التي تقام فيها رحلات سياحية بأنشطة مختلفة لمحبي الصحاري.
مميزات مدينة مراكش
تعتبر السياحة في مراكش أحد أهم الأسباب التي جعلت المدينة ذات شهرة عالمية، واكتسبت هذه السمعة السياحية بسبب المميزات الكثيرة التي تضمها، والتي يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
أهل المدينة وطبيعتها
يعد أهل مدينة مراكش أناس متعايشين مع النشاط السياحي الذي تتميز بهم مدينتهم، كما أنهم يتميزون بحفاوة الضيافة والروح المرحة، الشيء الذي يجعل السياح يحصلون على عناية وترحيب خاصين عند زيارتهم للمدينة. يتميز أهل مدينة مراكش أيضا بحب تقاليدهم والارتباط بها ارتباطا وثيقا ما يجعلهم محافظين عليها من قرون، يرثونها من أجدادهم ويورثونها أحفادهم. يجعل هذا مدينة مراكش مدينة تاريخية وثقافية بامتياز.
أما عن الأمن في مراكش، فهي تعتبر مدينة آمنة للغاية، حيث تبقى شوارعها ذات حيوية ونشاط على مدار اليوم. ويرجع هذا كما ذكرنا لتعايش السكان مع عدد السياح الكبير الذي تعرفه المدينة. إضافة إلى الاهتمام بالجانب الأمني للمدينة من طرف الحكومة المغربية بسبب جاذبيتها السياحية العالمية.
أحياء المدينة
تعتبر زيارة المدينة القديمة في مدينة مراكش رحلة سفر عبر الزمن، حيث تعيدك بأزقتها المتعرجة والضيقة إلى قرون مضت. تنتشر في هذه الأزقة الدكاكين التي تحادي بعضها، والتي تتاجر فيها مختلف أنواع البضائع والمواد والأدوات والمصنوعات التقليدية المحلية. كما تنتشر فيها عدة أسواق تتميز بألوان وروائح فريدة، الشيء الذي يصنع جوا مختلفا. حيث تعرض بعضها الملابس بنوعها المعاصرة والتقليدية المحلية الصنع، فيما تبيع بعضها المأكولات الشعبية، فيما تعرض أخرى للزوار المجوهرات والتحف.
الأطعمة
تتنوع الأطعمة التي تعرض في المطاعم ومحلات المأكولات الشعبية بمدينة مراكش، حيث يعكس تنوع أطباقها غنى المطبخ المغربي وأصالته. ويعتبر أشهر هذه الأطعمة طبق الطاجين المغربي الذي يتم طهوه في إناء فخاري من الخضر واللحم مع نكهات التوابل المختلفة من كركم وزعفران وغيرهم. إضافة إلى وجبة الكسكس التي لا تخلو الموائد المغربية منها في غذاء يوم الجمعة، حيث تعتبر إحدى الأطباق الأساسية التي يتميز بها المطبخ المغربي، ويتم طبخه عن طريق السميد الخاص بالكسكس، الخضر واللحوم. كذلك تتميز موائد المطبخ المغربي بطبق الحريرة وهو حساء يتم تحضيره عبر الطماطم والتوابل. إضافة إلى وجبات مثل البسطيلة وحلويات مثل الشباكية والفقاص وغيرها.
معالم المدينة
تضم مدينة مراكش عددا كبيرا من المعالم التاريخية والأماكن السياحية التي تجعلها قبل سياحية بامتياز، حيث يزور ملايين السياح المدينة سنويا لاكتشاف هذه المعالم. ويمكن أن نذكر من بين أبرز هذه المعالم وأشهرها ساحة جامع الفنا التي تعتبر ساحة ثقافية وفنية بامتياز، حيث يتوافد عليها الزوار للاستمتاع برؤية الفنانين والموسيقيين، مروضي القردة والثعابين، أكشاك أكل الشارع والعصائر، رواة القصص والأحاجي، فناني الشارع وأصحاب الحركات البهلوانية. وتضم المدينة كذلك مساجد تاريخية مثل مسجد الكتبية، حدائق مميزة مثل حديقة ماجوريل وحدائق المنارة، قصورا عديدة مثل قصر البديع وقصر الباهية وغيرهم، كما تضم متاحف عديدة مثل متحف مراكش، إضافة إلى الأسواق مثل سوق السمارين. كما تحتوي على العديد من المعالم والأماكن السياحية والترفيهية الأخرى.
الأماكن السياحية في مراكش
ساحة جامع الفنا
هو أشهر معلم ثقافي بمدينة مراكش والمغرب، أدرج سنة 2001 في قائمة التراث اللامادي الإنساني لمنظمة اليونيسكو. ساحة جامع الفنا عبارة عن فضاء شعبي مفتوح للترفيه والفرجة. حيث يقصده السكان المحليون والسياح من مختلف مناطق المغرب والعالم على حد سواء. تعتبر الساحة انعكاسا للثقافة المغربية حيث يلتقي فيها رواة الأحاجي والقصص، الموسيقيون، مروضو القردة والأفاعي، فنانو الشارع وغيرهم من صناع الفرجة. حيث تعتبر الساحة مزارا للسياح من جميع أنحاء العالم لاكتشاف الثقافة المغربية عن كثب. تشتهر ساحة جامع الفنا أيضا بالتحف والهدايا التذكارية التي تباع فيها، إضافة إلى المقاهي التقليدية والمطاعم الشعبية المحيطة بها.
حدائق ماجوريل
تعتبر حدائق ماجوريل إحدى أهم معالم مدينة مراكش، وهي عبارة عن محمية نباتية بمنطقة كليز مزروعة على مساحة 10000 متر مربع، حيث تحتوي على حوالي 300 نوع من النباتات النادرة والحديثة، بألوان وأشكال مختلفة منحدرة من مختلف القارات حول العالم. صممت الحديقة على يد الرسام الفرنسي جاك ماجوريل في بداية القرن العشرين داخل فيلا زرقاء مصممة على الطراز الزخرفي الفرنسي. كما تضم هذه الحدائق أيضا متحفا للفنون الإسلامية والأمازيغية، إضافة إلى برك للأسماك.
جامع الكتبية
جامع الكتبية مسجد راسخ في تاريخ المغرب، ويعد أكبر مسجد في مدينة مراكش وأحد أهم معالمها الدينية والثقافية، يوجد بالقرب من ساحة جامع الفنا، كما تحيط به عدة حدائق رائعة للغاية من الجهتين الغربية والجنوبية تضفي سحرا على المكان. بني المسجد في القرن الثاني عشر الميلادي، ويتميز بتصميمه الفريد الذي يتميز ببصمة المعمار الأندلسي الرائع وبقبابه المزخرفة بالنقوش الجبسية الجميلة، حيث يسجد المسجد التاريخ الذهبي للفن الإسلامي. يتوافد على محيط مسجد الكتبية عشرات آلاف الزوار سنويا من مختلف أنحاء العالم، حيث يأتون للاطلاع على جمال معماره وتاريخه.
قصر الباهية
يعد قصر الباهية أحد أهم وأجمل معالم مدينة مراكش التاريخية والثقافية، تم بناءه في أواخر القرن التاسع عشر على يد العلويين بأمر من الصدر الأعظم باحماد آنذاك. حيث تم جلب أمهر العمال والحرفيين للاشتغال على القصر الذي يعكس فنون العمارة المغربية، مثل فنون النقش على الخشب وعلى الجبس وغيرها. يتميز قصر الباهية بمساحته الواسعة والساحات التي تزينه المزخرفة بالفسيفساء الملون كما يضم القصر أيضا أروقة مزينة بالزليج التقليدي وأبوابا وحدائق مذهلة. يجذب هذا القصر السياح من مختلف أرجاء العالم، المهتمين بالتاريخ والفن والمعمار الإسلامي.
حدائق المنارة
حدائق المنارة تعد إحدى أشهر المناطق السياحية الطبيعية في مراكش، وهذه الحدائق عبارة عن خزان مياه عميق تحيط به العديد من بساتين الأشجار والنخيل، بساتين الزيتون، إضافة إلى بساتين الفاكهة. تبعد هذه الحديقة عن أسوار المدينة بحوالي 3 كيلومتر، وتعد أحد أفضل الأماكن السياحية الهادئة البعيدة عن الصخب في مراكش التي لا يجب عليك تفويتها. حيث يقصدها السكان المحليون والسياح على حد سواء للاستمتاع بهدوء الطبيعة الرائع وجمال الإطلالة على جبال الأطلس المذهلة.
قصر البديع
يعد قصر البديع أحد أشهر المعالم التاريخية التي تزخر بها مدينة مراكش والمغرب ككل، شيد في أواخر القرن السادس عشر على يد السلطان أحمد المنصور الذهبي، وتم تصميمه بناء على الفنون المعمارية الإسلامية والبرتغالية القديمة. كان القصر يضم حدائق مزخرفة، أحواضا مائية، إضافة إلى أروقة مزينة بالزليج التقليدي. تعرض القصر بسبب الحروب والزلازل لتدمير جزئي، إلا أن جذرانه وأطلاله مازالت شاهدة على الفخامة التي كانت يتميز بها. يجذب القصر الكثير من السياح المحليين والأجانب على حد سواء، حيث يأتون لاكتشاف ما تبقى من هذا القصر العظيم الشاهد على فترة من تاريخ المغرب.
متحف مراكش
يقع متحف مراكش الأثري في وسط المدينة بالقرب من مدرسة بن يوسف، وهو قصر كان قد شيد من قبل المهدي المنبهي في أواخر القرن التاسع عشر، ثم تم تحويله إلى متحف عام 1997. يمثل معمار المتحف المعمار التقليدي المغربي، ويضم مجموعة واسعة من المعروضات مثل الكتب التاريخية، الفخار، القطع النقدية المغربية، الأدوات التقليدية، الأعمال الفنية، السجاد المغربي، الزخارف الفخمة. يعتبر المتحف أحد معالم المدينة الثقافية وأحد أكثر الأماكن السياحية المميزة التي يقصدها المهتمون بالتاريخ والفن.
أسوار مراكش
تعد أسوار مراكش إحدى أبرز المعالم التاريخية التي تكسي المدينة رونقها، وهي عبارة عن أسوار دفاعية تحيط بالمدينة القديمة، شيدت على يد المرابطين في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي. أقيمت بعدها عدة عمليات توسيع ولاحقا عمليات ترميم وتعديل، حيث تم العمل عليها خلال فترات مختلفة من تاريخ المدينة. تمتد هذه الأسوار على طول المدينة القديمة، وتتميز بارتفاعها الكبير، إضافة إلى الأبراج والحصون التي كانت تستخدم في عمليات الدفاع.
أسواق المدينة القديمة
تعتبر الأسواق التقليدية الموجودة بمدينة مراكش إحدى أفضل الأماكن السياحية التي تعكس الحياة اليومية والتقاليد المغربية. حيث تمتاز هذه الأسواق التقليدية بأزقتها الضيقة والمتعرجة نوعا ما. كما تنتشر على طولها محلات تجارية صغيرة تبيع منتجات محلية مثل الهدايا التذكارية، الملابس بأنواعها، التوابل، الفخار، المجوهرات، العطور، الحرف اليدوية وغيرها. تعد هذه الأسواق إحدى نقاط الجذب الرئيسية للسياح الذين يزورون مدينة مراكش، حيث يستكشفون عبرها الثقافة المغربية وتراثها الفريد.
منتزه عرصة مولاي عبد السلام
تعتبر عرصة مولاي عبد السلام إحدى أهم وأشهر الأماكن السياحية التي تتوسط مدينة مراكش، وهي عبارة عن حديقة ذات بعد ثقافي وتاريخي، حيث تتميز بمساحاتها الخضراء الشاسعة والنباتات المتنوعة إضافة إلى الأشجار الكثيرة والتي يتجاوز عدد كبير منها عمر المئة عام. يتيح هذا لزوار المنتزه الاستمتاع بهدوء الطبيعة واستنشاق هواء نقي والتجول بأريحية في مساحاته الخضراء. دخول منتزه عرصة مولاي عبد السلام مجاني، كما أنه على مقربة من ساحة جامع الفنا وجامع الكتبية.
مدرسة بن يوسف الدينية
تعتبر مدرسة بن يوسف إحدى أشهر المعالم التاريخية والتعليمية الموجودة بمدينة مراكش وبالعالم ككل، وهي تحفة معمارية شيدها المرينيون. حيث تشهد المدرسة على تاريخ المغرب وفنونه. كانت هذه المدرسة إحدى أهم وأكبر المدراس في العالم الإسلامي، حيث كانت تستقبل آلاف الطلبة من شتى أنحاء العالم الإسلامي الراغبين في دراسة العلوم الدينية، الفقه، واللغة العربية. يشمل تصميم المدرسة فناء مزينا بالزليج التقليدي، وأعمدة حجرية منقوشة بدقة، كما تمتاز هذه المدرسة بتناسق عمارتها وزخارفها المذهلة.
صحراء أكفاي
على بعد حوالي ثلاثين كيلومترا من مدينة مراكش توجد صحراء أكفاي المذهلة التي تعتبر عامل جذب سياحي مهم للمدينة وإحدى أهم المناطق السياحية التي تميزها. تعتبر هذه البيئة الصحراوية القريبة من مراكش ذات شعبية كبيرة بين السياح الذي يبحثون عن وجهة صحراوية فريدة، حيث أن هذه الصحراء تمنحهم تجارب عديدة مثل تجربة ركوب الإبل، تسلق الكثبان الرملية والتزحلق عليها، مشاهدة غروب الشمس، السمر في الخيام الصحراوية والمبيت فيها، وغيرها من الأنشطة الفريدة. كما أنها تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة الذي تجمع بين الكثبان الرملية، التلال الصخرية، والسهول الشاسعة.