في ظل اتساع الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، لجأت الجزائر إلى استراتيجية غير متوقعة تمثلت في استدعاء جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي في إدارة دونالد ترامب، لإحياء فكرة استفتاء تقرير المصير. خطوة أثارت الاستغراب أكثر مما أثارت القناعة.
جون بولتون، البالغ من العمر 75 عاماً، لم يكن يوماً من الشخصيات المؤثرة في الساحة الدبلوماسية. فقد أُقيل بشكل مدوٍ من قبل الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ”أحد أغبى الأشخاص في واشنطن”، ولم يترك أثراً يُذكر في القرارات الكبرى للولايات المتحدة. ومع ذلك، نشر مؤخراً مقالاً في صحيفة Washington Times يتهم فيه المغرب بعرقلة المسار الأممي ويدعو إلى إحياء فكرة الاستفتاء.
غير أن هذا المشروع تم التخلي عنه منذ فترة طويلة من قبل المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، التي باتت تفضل حلولاً “واقعية ودائمة”. ويُعتبر مقترح الحكم الذاتي المغربي الخيار الأكثر دعماً على الساحة الدولية، في حين أصبحت جبهة البوليساريو أكثر تهميشاً، لدرجة أن الكونغرس الأمريكي بدأ يناقش احتمال تصنيفها كمنظمة إرهابية.
ويرى كثير من المراقبين أن لجوء الجزائر إلى بولتون يعكس غياب التجديد والرؤية داخل دبلوماسيتها. فالرهان على شخصية مثيرة للجدل، معروفة بمواقفها المتصلبة وفشلها الدبلوماسي، يكشف عن عزلة استراتيجية متنامية. ويعزز هذا التحرك الصورة السلبية لنظام جزائري لا يزال متمسكاً بقراءة متجاوزة للنزاع، وغير قادر على مواكبة التحولات السياسية والدبلوماسية الراهنة.
في المقابل، يواصل المغرب توسيع قاعدة المؤيدين لمقترحه الواقعي للحكم الذاتي، بينما تراهن الجزائر على دبلوماسي من زمن مضى. خيار يبدو بعيداً كل البعد عن التحولات الإقليمية والدولية التي تميل بوضوح نحو حل عملي ومستدام.