يحيي المغاربة اليوم، بكل فخر وامتنان، الذكرى الثامنة والأربعين لإعلان صاحب الجلالة الحسن الثاني، طيب الله ثراه، بشأن تنظيم المسيرة الخضراء المنتصرة.
تُعد المسيرة الخضراء، المعتبرة حدثًا لا مثيل له على الساحة الدولية، نقطة تحول رئيسية في تحقيق الوحدة الإقليمية للمملكة المغربية من خلال استعادة مقاطعاتها في الجنوب. هذا الحدث الجذري الذي يندرج في تاريخ البلاد يمثل مرحلة حاسمة في النضال من أجل إكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الإقليمية للمملكة، ويُعتبر فرصة لإعادة تأكيد وحدة الصحراء في إطار تماسك المغرب بشكل جماعي.
تحمل هذه المناسبة الوطنية أهمية تاريخية كونها لحظة رئيسية في تاريخ المملكة المغربية، حيث ترمز إلى تحرير جزء من الأراضي المغربية وإكمال الوحدة الإقليمية للمغرب، وبذلك تُنهي مرحلة امتدت لما يقرب من ثلاثة أرباع قرن من الاحتلال لهذه الأراضي الثمينة التي تعنى بأنها جزء مهم في قلوب جميع المغاربة.

في 16 أكتوبر 1975، أعلن الحسن الثاني تنظيم المسيرة الخضراء، وهي مبادرة تاريخية في عملية التفكيك الاستعماري واستعادة الصحراء التي لم تكن أبدًا سوى أرضًا مغربية، تجمع سكانها بروابط الولاء لملوك المغرب. جاء إعلان المسيرة الخضراء متزامنًا مع الرأي الاستشاري للمحكمة الدولية في لاهاي حول الصحراء، الذي أكد هذه الواقعة وأشعر بذلك بمطالب المغرب في استعادة أراضيه، وذلك في إطار اعتراف دولي.
كان هذا الاعتراف بمثابة بداية الجهود لاستعادة الأراضي الواقعة تحت الاحتلال. وشدد خطاب المغفور له الحسن الثاني بهذه المناسبة على ضرورة تنظيم مسيرة خضراء، وهي مبادرة سلمية، لتسليط الضوء على مطالبات المغرب بالصحراء. وجسدت المسيرة الخضراء مبادئ تمسك المغاربة بترابهم الوطني، وتوحيد الشعب تحت الراية المغربية، وإجماع كافة فئات المجتمع المغربي على الوحدة. كما كانت مثالاً يحتذى به في نبذ العنف وتعزيز قيم السلام.
قرار إعلان المسيرة الخضراء اتخذ بهدف منع نشوب حرب مدمرة في المنطقة. ودعت إلى مسيرة سلمية والبحث عن حلول عبر الحوار لحل النزاعات واستعادة الأراضي المغربية.
ساهمت المسيرة الخضراء الناجحة في فتح الباب أمام بناء وتنمية مقاطعات جنوب المملكة. حملت إلى تحريك وطني حقيقي لصالح تنمية هذه المناطق، وأنهت تداعيات العهد الاستعماري وسمحت لهذه المناطق بالوصول إلى مستوى التنمية المماثل للمناطق الأخرى في البلاد.
لتحقيق هذا الهدف، تم إطلاق مشاريع تنموية كبيرة تضع مصلحة المواطنين في صلب الأولويات. هذا النهج أدى إلى تحول عميق في المناطق الجنوبية.
ويرتكز ذلك على الإرادة الملكية لجعل مقاطعات جنوب المغرب مركزًا اقتصاديًا رئيسيًا على الصعيدين الوطني والقاري والدولي، وذلك بفضل اعتماد نموذج تنمية جديد للمقاطعات الجنوبية من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في عام 2015.
يعمل المغرب على تطوير مقاطعاته الجنوبية من خلال دمج جميع عناصر السكان المحليين، بما في ذلك القبائل والنساء والشباب والفاعلين السياسيين، وذلك بعد إطلاق نموذج التنمية الجديد لمقاطعات الجنوب من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
سمحت هذه المبادرة بجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات في مشاريع اجتماعية واقتصادية هيكلية في المنطقة، بما في ذلك ميناء الداخلة، أكبر ميناء مائي عميق في إفريقيا، وكذلك كلية الطب والصيدلة في العيون، واحدة من أبرز كليات الطب في المملكة.
هذه الدينامية التنموية ساعدت مقاطعات جنوب المغرب على تحقيق تحسن كبير في النمو الاقتصادي وجودة حياة سكانها، مما أدى إلى زيادة مستمرة في الاستهلاك وتقليل الفقر والاختلافات الاجتماعية.
من الناحية الدبلوماسية، حقق المغرب تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، انتصارات مهمة أسهمت في تحقيق حلاً نهائياً للصراع حول الصحراء المغربية.
إعلان الولايات المتحدة التاريخي بالاعتراف بملكية المغرب للصحراء، واعتراف إسبانيا بخطة الحكم الذاتي المغربية للمناطق الجنوبية، وموقف ألمانيا الجديد الداعم لهذه الخطة، وافتتاح العديد من القنصليات في العيون والداخلة، كل هذه هي علامات رسمية على الاعتراف الدولي بالصحراء المغربية.
مقاطعات جنوب المغرب تعيش حالياً دينامية اجتماعية واقتصادية مستدامة، بفضل الإصلاحات الكبيرة التي قام بها المغرب والديموقراطية المتنامية التي تشمل مشاركة جميع الصحراويين في الانتخابات، مع معدل مشاركة يفوق 63٪ وهو الأعلى على مستوى المملكة.